وقال أبو سفيان لابن الزبعري: مالك لا تسهب في شعرك؟ قال: حسبك من الشعر غرة لائحة، أو وصمة فاضحة. وكانوا يكرهون ان يزيد منطق الرجل على عقله.
قيل للخليل بن أحمد (ره) - وقد اجتمع بابن المقفع -: كيف رأيته؟
فقال: لسانه أرجح من عقله. وقيل لابن المقفع: كيف رأيت الخليل؟ قال:
عقله أرجح من لسانه. فكان عاقبتهما ان عاش الخليل مصونا مكرما، وقتل ابن المقفع تلك القتلة الفظيعة.
وسئل عمرو بن عبيد عن البلاغة فقال: ما بلغك الجنة، وباعدك من النار، وبصرك مواقع رشدك، وعواقب غيك. قال حفص: ليس عن هذا أسأل. فقال: كانوا يخافون من فتنة القول، ومن سقطات الكلام، ولا يخافون من فتنة السكوت وسقطات الصمت.
وقال الجاحظ: وكان عمرو بن عبيد لا يكاد يتكلم، فان تكلم لم يكد يطيل، وكان يقول: لا خير في المتكلم إذا كان كلامه لمن شهده دون نفسه، وإذا أطال المتكلم الكلام عرضت له أسباب التكلف، ولا خير في شئ يأتيك بالتكلف.
وقال رجل لعمر بن عبد العزيز: متى أتكلم؟ قال: إذا اشتهيت ان تصمت، قال: فمتى أصمت؟ قال: إذا اشتهيت ان تتكلم.
وسمع عبد الله بن الأهتم رجلا يتكلم فيخطئ فقال: بكلامك رزق الصمت المحبة.
وفي وصية المهلب لولده: يا بني تباذلوا تحابوا، فان بني الأعيان يختلفون فكيف ببني العلات، ان البر ينسئ في الأجل، ويزيد في العدد، وان القطيعة تورث القلة، وتعقب النار بعد الذلة، اتقوا زلة اللسان، فان الرجل تزل رجله فينتعش، ويزل لسانه فيهلك، الخ. وأطال خطيب بين