وقالت جارية ابن السماك له: ما أحسن كلامك لولا انك تكثر ترداده.
فقال: أردده حتى يفهمه من لم يفهمه. قالت: فإلى أن يفهمه من لم يفهمه مله من فهمه.
وبعث عبد العزيز بن مروان بن الحكم، ابن أخيه الوليد بن عبد الملك قطيفة حمراء وكتب إليه: أما بعد فقد بعثت إليك بقطيفة حمراء، حمراء، حمراء، فكتب إليه الوليد: أما بعد فقد وصلت القطيفة، وأنت يا عم أحمق، أحمق، أحمق.
وقال المعتضد لأحمد بن الطيب السرخسي: طول لسانك دليل على قصر عقلك.
وكان يقال: إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت، ويهرب من الناس، فاقربوا منه فإنه يلقي الحكمة. ورواه في شرح المختار 99، من خطب النهج، من شرح ابن أبي الحديد: 7، ص 93، بلفظ: إذا رأيتم المؤمن صموتا، الخ. عن رسول الله (ص) مرفوعا.
وقيل للعتابي: ما البلاغة؟ قال: كل من أفهمك حاجته، من غير إعادة ولا خلسة ولا استعانة فهو بليغ، قيل له: ما الاستعانة؟ قال: الا ترى الرجل إذا حدث قال: ياهناه واستمع إلي وافهم، وألست تفهم، هذا كله عي وفساد.
ودخل على المأمون جماعة من بني العباس، فاستنطقهم فوجدهم لكنا مع يسار وهيئة، ومن تكلم منهم أكثر وهذر، فكانت حاله أفحش من حال الساكتين، فقال: ما أبين الخلة في هؤلاء، لا خلة الأيدي بل خلة الألسنة والأحلام وسمع خالد بن صفوان مكثارا يتكلم، فقال له: يا هذا ليست البلاغة بخفة اللسان، ولا بكثرة الهذيان، ولكنها إصابة المعنى، والقصد إلى الحجة.