على الافعال الفاضلة قدر طاقتها.
وقال بعضهم: الحكمة هي معرفة الحقائق على ما هي عليه بقدر الاستطاعة، وهي العلم النافع المعبر عنه بمعرفة مالها وما عليها المشار إليه بقوله تعالى: " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " وافراطها الجربزة وهي استعمال الفكر فيما لا ينبغي كالمتشابهات، وعلى وجه لا ينبغي كمخالفة الشرائع، وتفريطها الغباوة التي هي تعطيل القوة الفكرية، والوقوف عن اكتساب العلم، وهذه الحكمة غير الحكمة التي هي العلم بالأمور التي وجودها من أفعالنا، بل هي ملكة تصدر عنها أفعال متوسطة بين افعال الجربزة والبلاهة.
وقال الراغب: الحكمة: إصابة الحق بالعلم والعقل، فالحكمة من الله تعالى معرفة الأشياء وايجادها على غاية الاحكام، ومن الانسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات، وهذا هو الذي وصف به لقمان في قوله عز وجل: " ولقد آتينا لقمان الحكمة " ونبه على جملتها بما وصفه بها. فإذا قيل في الله تعالى: هو حكيم فمعناه بخلاف معناه إذا وصف به غيره، ومن هذا الوجه قال الله تعالى: " أليس الله بأحكم الحاكمين "، وإذا وصف به القرآن فلتضمنه الحكمة نحو " الر، تلك آيات الكتاب الحكيم " وعلى ذلك قال: " ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر، حكمة بالغة ".
وقيل: معنى الحكيم: المحكم نحو " أحكمت آياته " وكلاهما صحيح، فإنه محكم ومفيد للحكم، ففيه المعنيان جميعا، والحكم أعم من الحكمة، فكل حكمة حكم، وليس كل حكم حكمة، فان الحكم أن يقضى بشئ على شئ فيقول: هو كذا، أوليس بكذا، قال صلى الله عليه وسلم: ان من الشعر لحكمة، أي قضية صادقة، وذلك نحو قول لبيد: " ان تقوى ربنا خير نفل. " قال الله تعالى: " وآتيناه الحكم