فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه، ووفقه، وسدده.
فاما حق الله الأكبر: فإنك تعبده ولا تشرك به شيئا، فإذا فعلت ذلك باخلاص جعل لك على نفسه ان يكفيك أمر الدنيا والآخرة، ويحفظ لك ما تحب منها.
واما حق نفسك عليك: فان تستوفيها في طاعة الله، فتؤدي إلى لسانك حقه، والى سمعك حقه، والى بصرك حقه، والى يدك حقها، والى رجلك حقها، والى بطنك حقه، والى فرجك حقه، وتستعين بالله على ذلك.
واما حق اللسان: فاكرامه عن الخنى، (4) وتعويده على الخير (5) وحمله على الأدب، وإجمامه (6) الا لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا، واعفاؤه عن الفضول الشنعة القليلة الفائدة التي لا يؤمن ضررها مع قلة عائدتها، وبعد شاهد العقل والدليل عليه، وتزين العاقل بعقله حسن سيرته في لسانه، ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
وأما حق السمع: فتنزيهه (7) عن أن تجعله طريقا إلى قلبك الا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيرا، أو تكسب خلقا كريما، فإنه باب الكلام إلى القلب، يؤدي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شر، ولا قوة إلا بالله.