قد أمرتم بطلبه منهم فاطلبوه (2) واعلموا أن كثرة المال مفسدة للدين، مقساة للقلوب، وأن كثرة العلم والعمل به مصلحة للدين سبب إلى الجنة (3)، والنفقات تنقص المال، والعلم يزكو على انفاقه (4) وإنفاقه بثه إلى حفظته ورواته (5)
(٢) إلى هنا رواها ثقة الاسلام قدس سره في الحديث ٤ من الباب ١ من كتاب العلم من الكافي بالسند الذي مر، رواها عنه الفيض الكاشاني (ره) في المحجة البيضاء ١: ٢٩، ط ٢، وللمقام بقية يأتي الكلام عليها بعد الفراغ من البحث الرجالي.
(٣) قوله عليه السلام: مفسدة ومقساة ومصلحة واضرابهما، اما اسم فاعل، أو اسم مكان، أو اسم آلة، وفى بعضها لا يحتمل بعض الوجوه، والظاهر أنها (هنا) مصادر ميمية، أو اسم مصدر، وفيها من المبالغة (على هذا التقدير) مالا يفي به البيان، حيث حذر عليه السلام من تكثير المال بأنه نفس الفساد وعين القساوة فليحذره العقلاء، ورغب (ع) في الاكثار من العلم بأنه محض الصلاح، وعين السبب الذي يجر إلى الجنة ويؤدي إلى جوار الصالحين ودار الكرامة التي أعدها تبارك وتعالى للمقربين، فليغتنمه الصلحاء والعرفاء.
(٤) وهذا قريب جدا مما ذكره (ع) في وصيته إلى كميل الآتية، من قوله عليه السلام: يا كميل محبة العلم دين يدان الله به، به يكسب الانسان الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته، وقوله (ع): العلم يزكو، أي ينمو ويزيد بالانفاق، وانفاقه بذله لمستحقه، وإنما يزيد العلم بالانفاق مع أن الأشياء ينقص به، لان بدل العلم لا ينفك عن التعمق فيه، والمباحثة مع التلميذ والراوي، ونفس التكلم والتعمق فيه ومباحثته هو نماؤه، وهذا أمر جلي لمن صرف عمره في تحصيل العلم والبحث مع ذويه في وقت ما.
(٥) ومن قوله عليه السلام: واعلموا ان كثرة المال مفسدة للدين - إلى هنا - مما تفرد بروايته الحسن بن علي بن شعبة (ره) في كتاب تحف العقول، هذا بحسب النظر الابتدائي، واما النظر الدقيق فحاكم بأنهما معا اشتركا في نقل جميع الوصية، إذ ديدن الكليني (ره) والفقهاء تفريق جملات الروايات على الأبواب المناسبة، فالكليني (ره) لما فرق فقرات الوصية الشريفة على أبواب الفقه، بقيت هذه القطعة مغفولا عنها.