غلبه الوجع حسبنا كتاب الله. وكثر اللغط، فقال: النبي عليه السلام: (قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع) قال ابن عباس: الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله.
الخلاف الثاني في مرضه أنه قال: (كذا): (جهزوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف عنها) فقال قوم: يجب علينا امتثال أمره، وأسامة قد برز من المدينة. وقام قوم: قد أشتد مرض النبي عليه السلام فلا تسع قلوبنا لمفارقته والحالة هذه، فنصبر حتى نبصر أي شئ يكون من أمره الخ.
التذييل الثاني في أن سعد بن عبادة (ره) لم يزل عن الصواب، ولم يبايع أبا بكر حتى قتل بالشام، المناسب لقوله (ع): (وأقام في (غسان) حتى هلك، ولم يبايع) الخ.
أقول: أما عدم بيعته ومهاجرته من المدينة إلى الشام فمما لا كلام فيه لاحد، وأجمع عليه المسلمون قاطبة، وأما قتله فهو أيضا مما اتفق عليه الجميع، غاية الأمر أن حزب الساسة وأرباب الأمر والنهي والقبض والبسط لم يجدوا مستراحا أحسن وأجدر من اسناد قتله إلى الجن، تخلصا من مخاصمة أولياء سعد، ودفعا للقصاص المتوهم من سلطان أوليائه فيما يأتي من أيام الدنيا، فألصقوا هلاكه بذيل شياطين الجن الغائبين، فنجحوا عند قاضيهم في دعواهم الذي لا مدافع له، فأهدر دم هذا الأنصاري العظيم، لأجل ضعف أوليائه، ومخافتهم أن يستأصلوا بأيدي معاشر أخر - مما يخرق - من الجن، ولكن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون فيجازيهم في الآخرة، ويفضحهم ويكشف الستار عن منوياتهم وما عملوا في الحياة الدنيا،