سرورا لانصرافه عنهم، وما ألقى الله عز وجل من الخلاف بينهم، فلم يزل معاوية معسكرا في مكانه منتظرا لما يكون من علي وأصحابه، وهل يقبل بالناس أم لا؟ فما برح حتى جاء الخبر: أن عليا قد قتل أولئك الخوارج، وأنه أراد بعد قتلهم أن يقبل بالناس، وأنهم استنظروه ودافعوه. فسر بذلك [معاوية وأصحابه].
قال الثقفي: وروى ابن أبي سيف، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن عبد الرحمان بن مسعدة الفزاري، قال: جاءنا كتاب عمارة بن عقبة بن أبي معيط - وكان مقيما بالكوفة - ونحن معسكرون مع معاوية، نتخوف أن يفرغ علي من الخوارج، ثم يقبل إلينا، ونحن نقول: إن أقبل إلينا كان أفضل المكان الذي نستقبله به، المكان الذي لقيناه فيه العام الماضي. فكان في كتاب عمارة بن عقبة: أما بعد فإن عليا خرج عليه قراء أصحابه ونساكهم، فخرج إليهم فقتلهم، وقد فسد عليه جنده وأهل مصره، ووقعت بينهم العداوة، وتفرقوا أشد الفرقة، وأحببت إعلامك لتحمد الله، والسلام.
فقرأه معاوية على وجه أخيه عتبة، وعلى الوليد بن عقبة وعلى أبي الأعور السلمي، ثم نظر إلى أخيه عتبة، وإلى الوليد بن عقبة وقال للوليد: لقد رضي أخوك أن يكون لنا عينا. فضحك الوليد، وقال: إن في ذلك أيضا لنفعا.
قال الثقفي: فعند ذلك دعا معاوية الضحاك بن قيس الفهري، وقال له:
سر حتى تمر بناحية الكوفة، وترتفع عنها ما استطعت، فمن وجدته من الأعراب في طاعة علي فأغر عليه، وإن وجدت له مسلحة أو خيلا فأغر عليها، وإذا أصبحت في بلدة فأمس في أخرى، ولا تقيمن لخيل بلغك أنها قد سرحت إليك لتلقاها فتقاتلها. فسرحه فيما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف.