طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل للحساب، وقنع بالكفاف، ورضي عن الله بذلك (14).
ثم أقبل [عليه السلام] حتى دخل سكة الثوريين فقال: خشوا بين هذه الأبيات (15).
قال نصر، عن عمر [بن سعد الأسدي] قال: حدثني عبد الله بن عاصم الفائشي، قال: لما مر علي بالثوريين - يعني ثور همدان - سمع البكاء، فقال ما هذه الأصوات؟ قيل: هذا البكاء على من قتل بصفين.
فقال:
أما إني أشهد لمن قتل منهم صابرا محتسبا بالشهادة.
ثم مر بالفائشيين فسمع الأصوات فقال: مثل ذلك، ثم مر بالشباميين فسمع رنة شديدة وصوتا مرتفعا عاليا، فخرج إليه حرب بن شرحبيل الشبامي (16)، فقال علي: أيغلبكم نساؤكم ألا تنهوهن عن هذا الصياح والرنين؟ قال: يا أمير المؤمنين، لو كانت دارا أو دارين أو ثلاثا قدرنا على ذلك، ولكن من هذا الحي ثمانون ومأة قتيل، فليس من دار إلا وفيها بكاء، أما نحن معشر الرجال فإنا لا نبكي، ولكن نفرح لهم بالشهادة. فقال علي: رحم الله قتلاكم وموتاكم، وأقبل [حرب] يمشي