قال: فرفع طرفه إليه، ثم قال: أحسن يا أمير المؤمنين! معاشرة أبي جعفر عليه السلام فإن عمرك وعمره هكذا وجمع بين سبابتيه... (1).
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
(530) 2 ابن الصباغ: إن أبا جعفر محمد الجواد عليه السلام لما توفي والده أبو الحسن الرضا عليه السلام وقدم الخليفة المأمون إلى بغداد بعد وفاته بسنة.
اتفق أن المأمون خرج يوما يتصيد، فاجتاز بطرف البلد، وثم صبيان يلعبون، ومحمد الجواد عليه السلام واقف عندهم، فلما أقبل المأمون، فر الصبيان، ووقف محمد الجواد عليه السلام وعمره إذ ذاك تسع سنين (2).
فلما قرب منه الخليفة، نظر إليه، وكان الله تعالى ألقى في قلبه مسحة قبول.
فقال له: يا غلام! ما منعك أن لا تفر كما فر أصحابك؟
فقال له محمد الجواد عليه السلام مسرعا: يا أمير المؤمنين! فر أصحابي فرقا والظن بك حسن، أنه لا يفر منك من لا ذنب له، ولم يكن بالطريق ضيقا فأنتحي (3) عن أمير المؤمنين.
فأعجب المأمون كلامه وحسن صورته، فقال: ما اسمك يا غلام!؟
فقال: محمد بن علي الرضا عليهما السلام.
فترحم الخليفة على أبيه، وساق جواده إلى نحو وجهته، وكان معه بزاة الصيد، فلما بعد عن العمارة أخذ الخليفة بازيا منها، وأرسل على دراجة، فغاب البازي عنه قليلا، ثم عاد وفي منقاره سمكة صغيرة، وبها بقاء من الحياة.