عليه (قل) يا محمد (يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون) فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم؟ فقال الله تعالى:
(قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) فيعجز من ابتدى به لا من شيء أن يعيده بعد أن يبلى بل ابتداؤه أصعب عندكم من اعادته ثم قال: (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا) أي إذ أكمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب يستخرجها فعرفكم انه على إعادة ما بلى أقدر ثم قال: (أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم) أي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم ان تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي.
قال الصادق (عليه السلام): فهذا الجدال بالتي هي أحسن لأن فيها قطع عذر الكافرين وإزالة شبههم واما الجدال بغير التي هي أحسن بأن تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله وإنما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا وجحدت أنت حقا آخر (١).
[٢١٤٢] ٨ - النعماني رفعه عن الصادق، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لما كان يوم بدر وعرف الله حرج المسلمين أنزل على نبيه: ﴿وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله﴾ (2) فلما قوى الإسلام وكثر المسلمون أنزل الله تعالى: (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم) (3) فنسخت هذه الآية التي