والتفويض وشرحهما وبيانهما وإنما قدمنا ما قدمنا لكون اتفاق الكتاب والخبر إذا اتفقا دليلا لما أردناه وقوة لما نحن مبينوه من ذلك إن شاء الله فقال: الجبر والتفويض بقول الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) عندما سئل عن ذلك فقال: «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين» وقيل: فماذا يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: صحة العقل وتخلية السرب والمهلة في الوقت والزاد من قبل الراحلة والسبب المهيج للفاعل على فعله فهذه خمسة أشياء فإذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنه مطرحا بحسبه وأنا أضرب لكل باب من هذه الأبواب الثلاثة وهي الجبر والتفويض والمنزلة بين المنزلتين مثلا يقرب المعنى للطالب ويسهل له البحث من شرحه ويشهد به القرآن بمحكم آياته وتحقق تصديقه عند ذوي الألباب وبالله العصمة والتوفيق.
ثم قال (عليه السلام) فأما الجبر فهو: قول من زعم ان الله عز وجل جبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها ومن قال بهذا القول فقد ظلم الله وكذبه ورد عليه قوله: (ولا يظلم ربك أحدا) وقوله جل ذكره: (ذلك بما قدمت يداك وإن الله ليس بظلام للعبيد) مع آي كثيرة في مثل هذا، فمن زعم انه مجبور على المعاصي فقد أحال بذنبه على الله وظلمه في عظمته له ومن ظلم ربه فقد كذب كتابه ومن كذب كتابه لزمه الكفر باجماع الامة، الحديث (1).
قد وردت رواياتنا متواترا على نفي الجبر والرد على أهله فراجع إن شئت الكافي:
1 / 155، والتوحيد لشيخنا الصدوق: 359، ومنها رسالة مولانا الامام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) في نفيه، التي رواها ابن شعبة الحراني في تحف العقول، وهي رسالة دقيقة لطيفة تحتاج إلى شرح وبسط وتوضيح والحمد لله على جميع نعمه.