ما شرحت لك في القدر مما أفضى إلينا أهل البيت، فانه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد افترى على الله افتراء عظيما، ان الله تبارك وتعالى لا يطاع بإكراه ولا يعصى بغلبة ولا يهمل العباد في الهلكة، لكنه المالك لما ملكهم والقادر لما عليه أقدرهم، فإن ائتمروا بالطاعة لم يكن الله صادا عنها مبطئا، وان ائتمروا بالمعصية فشاء أن يمن عليهم فيحول بينهم وبين ما ائتمروا به، فعل وإن لم يفعل فليس هو حملهم عليها قسرا ولا كلفهم جبرا، بل بتمكينه إياهم بعد إعذاره وإنذاره لهم واحتجاجه عليهم، طوقهم ومكنهم وجعل لهم السبيل إلى أخذ ما إليه دعاهم وترك ما عنه نهاهم، جعلهم مستطيعين لأخذ ما أمرهم به من شيء غير آخذيه ولترك ما نهاهم عنه من شيء غير تاريكه، والحمد لله الذي جعل عباده أقوياء لما أمرهم به ينالون بتلك القوة وما نهاهم عنه، وجعل العذر لمن يجعل له السبيل حمدا متقبلا، فأنا على ذلك أذهب وبه أقول، والله وأنا وأصحابي أيضا عليه وله الحمد (1).
(٣٧٤)