[680] 20 - المجلسي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في وصفه المؤمنين:
المؤمنون هم أهل الفضائل، هديهم السكوت وهيئتهم الخشوع وسمتهم التواضع، خاشعين غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم رافعين أسماعهم إلى العلم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كما نزلت في الرخاء، لو لا الآجال التي كتبت عليهم لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرفة عين شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم، فهم كأنهم قد رأوا الجنة ونعيمها والنار وعذابها، فقلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة، وحوائجهم خفيفة وأنفسهم ضعيفة، ومعونتهم لإخوانهم عظيمة، اتخذوا الأرض بساطا وماءها طيبا، ورفضوا الدنيا رفضا، وصبروا أياما قليلة، فصارت عاقبتهم راحة طويلة، تجارتهم مربحة يبشرهم بها رب كريم، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فهربوا منها.
أما الليل فأقدامهم مصطفة يتلون القرآن يرتلونه ترتيلا، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت أنفسهم تشوقا فيصيرونها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها بقلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم ووجلت قلوبهم خوفا وفرقا، نحلت لها أبدانهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها وصلصلة حديدها في آذانهم، مكبين على وجوههم وأكفهم، تجري دموعهم على خدودهم، يجارون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم.
وأما النهار فعلماء أبرار أتقياء قد براهم الخوف، فهم أمثال القداح إذا نظر إليهم الناظر يقول بهم مرض وما بهم مرض، ويقول قد خولطوا وما خولطوا، إذا ذكروا عظمة الله وشدة سلطانه وذكروا الموت وأهوال القيامة وجفت قلوبهم وطاشت حلومهم وذهلت عقولهم، فإذا استفاقوا من ذلك بادروا إلى الله بالأعمال الزاكية، لا يرضون بالقليل ولا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون، إن زكا أحدهم خاف الله وغائله التزكية قال وأنا أعلم بنفسي من غيري