وعليه فإن صح الحديث فليس هو إلا إخبارا منه صلى الله عليه وآله بقضية خارجية، و إن كان وقوعها قهرا، ولا ينافيه لفظ البشرى لكونه إخبارا بما تهش إليه نفس حفصة من تقلد أبيها زعامة الأمة، فجرى الكلام مجرى رغباتها ولذلك لم تبد به حفصة عند مسيس حاجة الأمة إلى نص مثله - إن كان الحديث نصا - عند محتدم الحوار بينها، وإنما أمرها بالكتمان كان لمصالح لا تخفى على الباحث.
28 - عن جعفر بن محمد [الإمام الصادق] عن أبيه عن جده قال: توفيت فاطمة ليلا فجاء أبو بكر وعمر وجماعة كثيرة فقال أبو بكر لعلي: تقدم فصل. قال: لا والله لا تقدمت وأنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم أبو بكر فصلى أربعا.
عده الذهبي من مصائب أتى بها عبد الله بن محمد القدامي المصيصي عن مالك. و قال ابن عدي: عامة حديثه غير محفوظة. وقال ابن حبان: يقلب الأخبار لعله قلب على مالك أكثر من مائة وخمسين حديثا. وقال الحاكم والنقاش: روي عن مالك أحاديث موضوعة. وقال السمعاني في " الأنساب ": كان يقلب الأخبار لا يحتج به " م 2 ص 70، لم 3 ص 334 ".
هذه الأكذوبة على الإمام الطاهر الصادق تخالف ما في التاريخ الصحيح عن عائشة قالت: دفنت فاطمة بنت رسول الله ليلا دفنها علي ولم يشعر بها أبو بكر رضي الله عنه حتى دفنت وصلى عليها علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ك 3 ص 163، صححه الحاكم وأقره الذهبي. وقال الحلبي في السيرة النبوية 3 ص 360: قال الواقدي: ثبت عندنا أن عليا كرم الله وجهه دفنها ليلا وصلى عليها ومعه العباس والفضل ولم يعلموا بها أحدا.
29 - عن أنس بن مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قدمت أبا بكر وعمر ولكن الله قدمهما ومن بهما علي فأطيعوهما واقتدوا بذكرهما، ومن أرادهما بسوء فإنما يريدني والاسلام. أخرجه ابن النجار كما في " كنز العمال " 6 ص 144.
كيف خفي على معظم الأصحاب ورجالات بيت الوحي وفي مقدمهم سيدهم أمير المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم الشيخين على علي عليه السلام وغيره في الخلافة مهما قدمهما الله تعالى؟ فتخلفوا عن بيعة من قدمه الله ورسوله وما أطاعوه وما قدموه.
ولماذا حيل بينه صلى الله عليه وآله وبين ما رام أن يكتبه يوم الخميس قبل وفاته بخمسة أيام