= 3 = المحدث في الاسلام أصفقت الأمة الإسلامية على أن في هذه الأمة لدة الأمم السابقة أناس محدثون " على صيغة المفعول " وقد أخبر بذلك النبي الأعظم كما ورد في الصحاح والمسانيد من طرق الفريقين: " العامة والخاصة " والمحدث من تكلمه الملائكة بلا نبوة ولا رؤية صورة، أو يلهم له ويلقى في روعه شئ من العلم على وجه الالهام و المكاشفة من المبدأ الأعلى، أو ينكت له في قلبه من حقائق تخفى على غيره، أو غير ذلك من المعاني التي يمكن أن يراد منه، فوجود من هذا شأنه من رجالات هذه الأمة مطبق عليه بين فرق الاسلام، بيد أن الخلاف في تشخيصه، فالشيعة ترى عليا أمير المؤمنين وأولاده الأئمة صلوات الله عليهم من المحدثين، وأهل السنة يرون منهم عمر بن الخطاب، وإليك نماذج من نصوص الفريقين:
نصوص أهل السنة أخرج البخاري في صحيحه في باب مناقب عمر بن الخطاب ج 2 ص 194 عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر. قال ابن عباس رضي الله عنهما: من نبي ولا محدث.
قال القسطلاني (1): ليس قوله " فإن يكن " للترديد بل للتأكيد كقولك: إن يكن لي صديق ففلان. إذ المراد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء، وإذا ثبت أن هذا وجد في غير الأمة المفضولة فوجوده في هذه الأمة الفاضلة أحرى.
وقال في شرح قول ابن عباس " من نبي ولا محدث ": قد ثبت قول ابن عباس هذا لأبي ذر وسقط لغيره ووصله سفيان بن عيينة في أواخر جامعه وعبد بن حميد بلفظ:
كان ابن عباس يقرأ: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث.