الشعر خطوات واسعة، وفي " معجم الأدباء " صحيفة بيضاء، وفي " طبقات النحاة " ذكرى خالدة، وقد جمع شوارد تاريخ ذلك الشاعر الفحل المنسي الدكتور مصطفى جواد البغدادي في ترجمة نشرتها [مجلة الغري] النجفية الغراء في عددها ال 16 من السنة السابعة ص 2 ونحن نذكرها برمتها متنا وتعليقا قال:
ولد بقرية من نواحي هيت تعرف بجبا، وقدم بغداد في أول عمره وقرأ بها الأدب ولازم مصدق بن شبيب الواسطي النحوي حتى برع في النحو واللغة والفقه والفرائض والحساب بعد قراءة القرآن الكريم، وسمع الحديث من جماعة من الشيوخ منهم: أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب، والقاضي أبو الفتح محمد بن أحمد المندائي الواسطي سمعه حين قدومه بغداد، وعالج النثر والنظم فبلغ منهما مرتبة عالية، قال القفطي: " وقد كان أنشأ مقامات ظهر منها قطعة رأيتها في جملة أجزاء أحضرت من بغداد إلى حلب للبيع بخطه وكان خطا متوسطا صحيح الوضع فيه تلتبس نقط ثابتة لا تكاد تتغير (كذا) وشعره جيد مشهور مصنوع لا مطبوع " (1)، ووصفه ياقوت الحموي بأنه نحوي لغوي أديب من أفاضل العصر، قال: وكان بليغا مليح الخط غزير الفضل متواضعا مليح الصورة طيب الأخلاق (2). وكان من شعراء الديوان العباسي، ومدح الخليفة الناصر لدين الله بقصائد كثيرة كان يوردها في المواسم والهناءات (3) فعرف واشتهر ورتب كاتبا في ديوان التركات الحشرية وناظرا فيه، وهي تركات من يتوفى وتحشر إلى بيت المال لعدم الوارث المستحق بحسب مذهب الشافعي، وكان ببغداد رجل تاجر يعرف بابن العنيبري، وكان صديقا له فلما حضرته الوفاة سأله الحضور إليه فلما حضر قال له: أنا طيب النفس بموتي في زمان ولايتك ليكون جاهك " على " أطفالي وعيالي.
فوعده بهم جميلا، فلما مات حضر إلى تركته وباشرها فرأى فيها ألف دينار عينا فأخذها وحملها إلى الإمام الناصر وأصحبها مطالعة منه يقول فيها: مات ابن العنيبري - ورث الله الشريعة أعمار الخلايق - وقد حمل المملوك من المال الحلال الصالح للمخزن ألف دينار