المصلين خلفه: أنه يراهم من وراء ظهره. لما لهم في ذلك من الفائدة المذكورة في الحديث، وكان يمكن أن يأمرهم وينهاهم من غير إخبار بذلك، وهكذا سائر كراماته ومعجزاته، فعمل أمته بمثل ذلك في هذا المكان أولى منه في الوجه الأول، ولكنه مع ذلك في حكم الجواز لما تقدم من خوف العوارض كالعجب ونحوه.
الثالث: أن يكون فيه تحذير أو تبشير ليستعد لكل عدته فهذا أيضا جائز كالإخبار عن أمر ينزل إن لم يكن كذا، أو لا يكون إن فعل كذا فيعمل على وفق ذلك. إلخ.
فهلا كان من الغيب نبأ ابني نوح، وأنباء قوم هو وعاد وثمود، وقوم إبراهيم ولوط، وذكرى ذي القرنين، ونبأ من سلف من الأنبياء والمرسلين؟!
وهلا كان منه ما أسر به النبي صلى الله عليه وآله إلى بعض أزواجه فأفشته إلى أبيها فلما نبأها به وقالت: من أنبأك هذا؟ قال: نبأني العليم الخبير؟ " تحريم 3 ".
وهلا كان منه ما أنبأ موسى صاحبه من تأويل ما لم يستطع عليه صبرا؟ " الكهف " وهلا كان منه ما كان يقول عيسى لأمته: وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم؟ " آل عمران 49 ".
وهلا كان منه قول عيسى لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد؟ " الصف 6 " وهلا كان منه ما أوحى الله تعالى إلى يوسف: لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون؟ " يوسف 15 ".
وهلا كان ما أنبأ آدم الملائكة من أسمائهم أمرا من الله يا آدم أنبئهم بأسمائهم؟
" البقرة 33 ".
وهلا كانت منه تلكم البشارات الجمة المحكية عن التوراة والإنجيل والزبور وصحف الماضين وزبر الأولين بنبوة نبي الاسلام وشمائله وتاريخ حياته وذكر أمته؟.
وهلا كانت منه تلك الأنباء الصحيحة المروية عن الكهنة والرهابين والاقسة حول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قبل ولادته؟.
ليس هناك أي منع وخطر إن علم الله أحدا ممن خلق بما شاء وأراد من الغيب المكتوم من علم ما كان أو سيكون، من علم السماوات والأرضين، من علم الأولين