إن هي إلا مدرسات الأمة فاحش التقول. وسيئ الإفك والافتعال، تعلمها الحياد عن مناهج الصدق والأمانة، وتحثها على الكذب على الله وعلى قدس صاحب الرسالة وعلى أمناؤه وثقات أمته.
هل يجد الباحث سبيلا لنجاته عن هذه الورطات المدلهمة؟ وهل يرجى له الفوز من تلكم السلاسل وقد صفدته من حيث لا يشعر؟ أي مصدر وثيق يحق أن يثق به الرجل؟ وعلى أي كتاب أو على أي سنة حري بأن يحيل أمره؟ أليست الكتب مشحونة بتلكم الأكاذيب المفتعلة المنصوصة على وضعها؟ أليست تلكم المئات من ألوف الأحاديث المكذوبة مبثوثة في طيات التآليف والصحف؟ ما حيلة الرجل وهو يرى المؤلفين بين من يذكرها مرسلا إياها إرسال المسلم، وبين من يخرجها بالإسناد ويردفها بما يموه على الحق مما يعرب عن قوتها؟ أو يرويها غير مشفع بما فيها من الغميزة متنا أو إسنادا؟ كل ذلك في مقام سرد الفضائل، أو إثبات الدعاوي الفارغة في المذاهب. ثم ما حيلته؟ وهو يشاهد وراء أولئك الأوضاح من المؤلفين أفاك القرن الرابع عشر - القصيمي - رافعا عقيرته بقوله: ليس في رجال الحديث من أهل السنة من هو متهم بالوضع والكذابة. راجع ص 208.
فما ذنب الجاهل المسكين والحالة هذه في عدم عرفان الحق؟ وما الذي يعرفه صحيح السنة من سقيمها؟ وأي يد تنجيه من عادية التقول والتزوير؟ وهل من مصلح يحمل بين جنبيه عاطفة دينية صادقة ينقذه عن ورطات القالة وغمرات الدجل؟.
نعم: كتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة، وفصلنا لكل شئ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون، وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم، بغيا بينهم، إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون، ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون، فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها و اتبع هواه فتردى، والسلام على من اتبع الهدى.
م حكم الوضاعين قال الحافظ جلال الدين السيوطي في " تحذير الخواص " ص 21: فائدة لا أعلم