فشرعنا إلى عمر، بحسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد ويسئل عن أمر أمة محمد، لقد جهدت نفسي وحرمت أهلي، وإن نجوت كفافا لا وزر ولا أجر إني لسعيد، وانظر فإن استخلفت؟ فقد استخلف من هو خير مني، وإن أترك؟ فقد ترك من هو خير مني، ولن يضيع الله دينه. فخرجوا ثم راحوا فقالوا: يا أمير المؤمنين! لو عهدت عهدا؟ فقال:
قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فأولي رجلا أمركم هو أحراكم أن يحملكم على الحق - وأشار إلى علي - ورهقتني غشية فرأيت رجلا دخل جنة قد غرسها فجعل يقطف كل غضة ويانعة فيضمه إليه ويصيره تحته، فعلمت أن الله غالب أمره، ومتوف عمر، فما أريد أن أتحملها حيا وميتا، عليكم هؤلاء الرهط. الحديث.
وذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد 2: 256.
ليتني أدري وقومي كيف تطلب الصحابة من عمر الاستخلاف وتصفح عن تلكم النصوص الجمة؟ وكيف يخالفها عمر ويرى أبا عبيدة وسالما أهلا للخلافة ويتمنى حياتهما؟ ثم يجعلها شورى؟ ثم كيف يرى الحديثين في فضل الرجلين حجة لاستخلافهما ولم ير ما ورد في الكتاب والسنة من ألوف المناقب في علي عليه السلام عذرا عند ربه إن سئل عن استخلافه؟ وكيف لم يجد من نطق القرآن بعصمته، ونزلت فيه آية التطهير، وعده الكتاب نفس النبي الأقدس أهلا للاستخلاف؟ وما باله لم يستخلف عبد الله بن عمر لجهله بمسألة واحدة؟ وكان أكثر علما من أبيه، ولم يكن عمر يرى الخليفة إلا خازنا وقاسما غير مفتقر إلى أي علم كما صح عنه في خطبة له من قوله:
أيها الناس! من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب. ومن أراد أن يسأل عن الفرائض؟ فليأت زيد بن ثابت. ومن أراد أن يسأل عن الفقه؟ فليأت معاذ بن جبل.
ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله جعلني خازنا وقاسما (1).
11 - وما عن ابن عمر إنه قال لعمر: إن الناس يتحدثون إنك غير مستخلف ولو كان لك راعي إبل أو راعي غنم ثم جاء وترك رعيته رأيت أن قد فرط، ورعية الناس أشد من رعية الإبل والغنم، ماذا تقول لله عز وجل إذا لقيته ولم تستخلف على عباده؟ قال:
فأصابه كآبة ثم نكس رأسه طويلا ثم رفع رأسه وقال: إن الله تعالى حافظ الدين وأي