ومن أولئك الجماهير " القصيمي " صاحب [الصراع] حذا حذو ابن تيمية واتخذ وتيرته واتبع هواه فجاء في القرن العشرين كشيخه يموه، ويدجل، ويتسدج، ويتحرش بالسباب المقذع، ويقذف مخالفيه بالكفر والردة، ويرميهم بكل معرة ومسبة، ويري المجتمع أن هاتيك الأعمال من الزيارة والدعاء عند القبور المشرفة والصلاة لديها والتبرك والتوسل والاستشفاع بها كلها من آفات الشيعة، وهم بذلك ملعونون خارجون عن ربقة الاسلام، وبسط القول في هذه كلها بألسنة حداد مقذعا مستهترا خارجا عن أدب المناظرة والجدال، قال في " الصراع " ج 1 ص 54:
وبهذا الغلو الذي رأيت من طائفة الشيعة في أئمتهم، وبهذا التأليه الذي سمعت منهم لعلي وولده، عبدوا القبور وأصحاب القبور، وأشادوا المشاهد، وأتوها من كل مكان سحيق وفج عميق، وقدموا لها النذور والهدايا والقرابين، وأراقوا فوقها الدماء والدموع، ورفعوا لها خالص الخضوع والخشوع، وأخلصوا لها ذلك وخصوها به دون الله رب الموحدين.
وقال في ج 1 ص 178: الأشياء المشروعة كالصلاة والسلام على الرسول الكريم لا فرق فيها بين القرب والنأي، فإنها حاصلة في الحالتين، وأما مشاهدة القبر الشريف نفسه، ومشاهدة الأحجار نفسها، فلا فضل فيها ولا ثواب بلا خلاف بين علماء الاسلام، بل إن مشاهدته عليه الصلاة والسلام حينما كان حيا لا فضل لها بذاتها، وإنما الفضل في الإيمان به والتعلم منه والاقتداء به والنهج منهجه ومناصرته، وبالإجمال إن أحدا من الناس لن يستطيع أن يثبت لزيارة القبر الشريف فضلا ما، وهذا واضح من سيرة المسلمين الأولين. إلى آخر خرافاته ومخاريقه. ا ه.
لعل القارئ يزعم من شدة الرجل هذه وحدته في النكير، والجلبة واللغط في القول - التي هي شنشنة يعرف بها ابن تيمية شيخ البدع والضلال والمرجع الوحيد في هذه الخزايات والخزعبلات - إن لكلامه مقيلا من الحقيقة ورمزا من الصدق، ذاهلا عن أن أعلام المذاهب الإسلامية في القرون الخالية، منذ القرن الثامن من يوم ابن تيمية، وبعده يوم محمد بن عبد الوهاب الذي أعاد لتلكم الدوارس جدتها وحتى العصر الحاضر، أنكروا على هذه السفسطات والسفاسف وحكموا من ذهب إلى هذه الآراء