أوحى الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم عمره ثماني سنين، وقيل: سبع. وقيل: إحدى عشرة سنة، و كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله بين أهله كأحد أولاده يتبعه في جميع أحواله. إلخ.
م وأنت تجد أولية أمير المؤمنين في الاسلام في شعر كثير من السلف مثل قول مسلم بن الوليد الأنصاري.
أذكرت سيف رسول الله سنته * وسيف أول من صلى ومن صاما؟!.
قال أبو الفلاح الحنبلي في شذراته ج 1 ص 308: يعني عليا رضي الله عنه إذ كان هو الضراب به [بسيف النبي].
هذا ما اقتضته المسالمة مع القوم في تحديد مبدء إسلامه عليه السلام، وأما نحن فلا نقول: إنه أول من أسلم بالمعنى الذي يحاوله ابن كثير وقومه لأن البدئة به تستدعي سبقا من الكفر ومتى كفر أمير المؤمنين حتى يسلم؟ ومتى أشرك بالله حتى يؤمن؟ و قد انعقدت نطفته على الحنيفية البيضاء، واحتضنه حجر الرسالة، وغذته يد النبوة، وهذبه الخلق النبوي العظيم، فلم يزل مقتصا أثر الرسول قبل أن يصدع بالدين الحنيف وبعده، فلم يكن له هوى غير هواه، ولا نزعة غير نزعته، وكيف يمكن الخصم أن يقذفه بكفر قبل الدعوة؟! وهو يقول (وإن لم نر صحة ما يقول): إنه كان يمنع أمه من السجود للصنم وهو حمل (1) أيكون إمام الأمة هكذا في عالم الأجنة ثم يدنسه درن الكفر في عالم التكليف؟ فلقد كان صلوات الله عليه مؤمنا جنينا ورضيعا و فطيما ويافعا وغلاما وكهلا وخليفة.
ولولا أبو طالب وابنه * لما مثل الدين شخصا وقاما بل نحن نقول: إن المراد من إسلامه وإيمانه وأوليته فيهما وسبقه إلى النبي في الاسلام هو المعنى المراد من قوله تعالى عن إبراهيم الخليل عليه السلام: وأنا أول المسلمين.
وفيما قال سبحانه عنه: إذ قال ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين. وفيما قال سبحانه عن موسى عليه السلام: وأنا أول المؤمنين. وفيما قال تعالى عن نبيه الأعظم: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه. وفيما قال: قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم. وفي قوله: و أمرت أن أسلم لرب العالمين.