وتمكنه من فؤاده، فهو إذا أحب أحدا كان ذلك آية تضلعه في الدين وتحليه باليقين، وهذه قضية قياسها معها، وهي مرتكزة في القلوب جمعاء حتى أن ابن حزم نفسه احتج بأفضلية عايشة على جميع الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بحديث باطل رواه من أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: أنت أحب الناس إلي.
وأما أبو طالب فقد اعترف الرجل بمحبة النبي له أولا ونحن نصدقه على ذلك ونراه فضلا له وأي فضل.
وأما دعواه تحريم المحبة بعد ذلك، ونهي الله عنها، وأمره بعداوته، فغير مقرونة بشاهد، وهل يسعه دعوى الفرق بين يومي النبي معه قبل التحريم وبعده؟! وهل يمكنه تعيين اليوم الذي قلاه فيه؟! أو السنة التي هجره فيها وافترضت عليه عداوته؟!؟!.
التاريخ خلو من ذلك كله بل يعلمنا الحديث والسيرة أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يفارقه حتى قضى أبو طالب نحبه فطفق يؤبنه وقال لعلي: إذهب فاغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه (1) ورثاه علي بقوله:
أبا طالب عصمة المستجير * وغيث المحول ونور الظلم لقد هد فقدك أهل الحفاظ * فصلى عليك ولي النعم ولقاك ربك رضوانه * فقد كنت للطهر من خير عم (2) فمن أراد الوقوف على الحقيقة في ترجمة شيخ الأبطح أبي طالب فعليه بكتاب العلامة البرزنجي الشافعي وتلخيصه الموسوم بأسنى المطالب لمفتي الشافعية السيد أحمد زيتي دحلان (3) 8 قال: لسنا من كذب الرافضة في تأويلهم ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. وإن المراد بذلك علي رضي الله عنه، بل هذا لا يصح، بل الآية على عمومها وظاهرها لكل من فعل ذلك. 4 ص 146.