محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية تأليف الشيخ محمد الخضري لقد أخرج الرجل هذا الكتاب بصفة التاريخ لكنه لم يجر على بساطته، وإنما أودع فيه نزعاته الأموية فترى في كل ثنية منه هملجة، وفي كل فجوة منه تركاضا، فلا هو كتاب تاريخ يسكن إلى نقله، ولا كتاب عقيدة ينظر في نقده، وإنما هو هياج ولغط يعكر الصفو، ويقلق الطمأنينة، فكان الأحرى بنا الاعراض عنه و عن أغلاطه، لكن لم نجد بدا من لفت القارئ إلى نزر من سقطاته.
1 قال في ج 2 ص 67: ومما يزيد الأسف أن هذه الحرب (صفين) لم يكن المراد منها الوصول إلى تقرير مبدأ ديني أو رفع حيف حل بالأمة، وإنما كانت لنصرة شخص على شخص، فشيعة علي تنصره لأنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحق الناس بولاية الأمر، وشيعة معاوية تنصره لأنه ولي عثمان وأحق الناس بطلب دمه المسفوك ظلما، ولا يرون أنه ينبغي لهم مبايعة من آوى إليه قتلته.
ج - ليت الرجل بين لنا المبادئ الدينية عنده حتى ننظر في انطباقها على هذه الحرب، وحيث لم يبين فنحن نقول: أي مبدأ ديني هو أقوى من أن تكون الحرب والمناصرة لتنفيذ كلمة رسول الله يوم أمر أمير المؤمنين عليه السلام بقتال القاسطين وهم أصحاب معاوية وأمر أصحابه بمناصرته يومئذ (1) ورأى من واجبهم جهاد مقاتليه وقال: سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا على الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلك شئ (2).
وأي مبدأ ديني هو أقوى من نصرة الرجل من يراه أولى الناس بالأمر كما