فأدركتني صلاة الجمعة فصليت وخرجت إلى باب الدرج فإذا هذا الشيخ قائم يقص فجلست إليه فقرأ فسمعنا، فرغب من رغب، وخوف من خوف، ودعا فأمنا، وقال في آخر كلامه: اختموا مجلسنا بلعن أبي تراب، فسألت من أبو تراب؟ فقيل: علي بن أبي طالب، أول الناس إسلاما، وابن عم رسول الله، وأبو الحسن والحسين، وزوج بنت رسول الله. فوالله يا أمير المؤمنين؟ لو ذكر هذا قرابة لك بمثل هذا الذكر ولعنه بمثل هذا اللعن لأحللت به الذي أحللت، فكيف لا أغضب لصهر رسول الله وزوج ابنته؟!
فقال هشام: بئس ما صنع. (تاريخ ابن عساكر 3 ص 407) هذه جملة من النصوص النبوية، والكلم المأثورة عن أمير المؤمنين والصحابة والتابعين في أن عليا أول من أسلم: وهي تربو على مائة كلمة، أضف إليها ما مرج 2 ص 276 من أن أمير المؤمنين سباق هذه الأمة. واشفع الجميع بما أسلفناه ج 2 ص 306 من أنه صلوات الله عليه صديق هذه الأمة، وهو الصديق الأكبر.
فهل تجد عندئذ مساغا لمكابرة ابن كثير تجاه هذه الحقيقة الراهنة وقوله: و قد ورد في أنه أول من أسلم. إلخ؟!؟! فإذا لا يصح مثل هذه فما الذي يصح؟ وإن كان لا يصح شئ منها فما قيمة تلك الكتب المشحونة بها؟! كلا، إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون.
وأنت ترى الرجل يزيف هذه الكلم والنصوص الكثيرة الصحيحة بحكم الحفاظ الاثبات بكلمة واحدة قارصة، ويعتمد في إثبات أي أمر يروقه في تاريخه على المراسيل والمقاطيع والآحاد، ونقل المجاهيل وأفناء الناس.
* (تذييل) * قال المأمون في حديث احتجاجه على أربعين فقيها ومناظرته إياهم في أن أمير المؤمنين أولى بالناس بالخلافة: يا إسحاق أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله رسوله؟ قلت: الاخلاص بالشهادة. قال: أليس السبق إلى الاسلام؟ قلت: نعم قال: إقرأ ذلك في كتاب الله يقول: والسابقون السابقون أولئك المقربون إنما عني من سبق إلى الاسلام، فهل علمت أحدا سبق عليا إلى الاسلام؟ قلت: يا أمير المؤمنين؟ إن عليا أسلم وهو حديث السن لا يجوز عليه الحكم، وأبو بكر أسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم. قال: أخبرني أيهما أسلم قبل؟ ثم أناظرك من بعده في الحداثة