أحسب أن هذا مراد من قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان مستخفيا أمره خمس سنين كما في الامتاع ص 44.
وأما سبع سنين فإنها مضافا إلى كثرة طرقها وصحة أسانيدها معتضدة بالنبوية المذكورة ص 220 وبحديث أبي رافع المذكور ص 227 وهي سني الدعوة النبوية من أول بعثته صلى الله عليه وآله وسلم إلى فرض الصلاة المكتوبة.
وذلك أن الصلاة فرضت بلا خلاف ليلة الاسراء وكان الاسراء كما قال محمد ابن شهاب الزهري قبل الهجرة بثلاث سنين، وقد أقام صلى الله عليه وآله في مكة عشر سنين فكان أمير المؤمنين خلال هذه المدة السنين السبع يعبد الله ويصلي معه صلى الله عليه وآله فكانا يخرجان ردحا من الزمن إلى الشعب وإلى حراء للعبادة ومكثا على هذا ما شاء الله أن يمكثا (1) حتى نزل قوله تعالى: واصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين. وقوله: وأنذر عشيرتك الأقربين. وذلك بعد ثلاث سنين من مبعثه الشريف، فتظاهر عليه السلام بإجابة الدعوة في منتدى الهاشميين المعقود لها ولم يلبها غيره، ومن يوم ذاك اتخذه رسول الله صلى الله عليه وآله أخا ووصيا وخليفة ووزيرا (2) ثم لم يلب الدعوة إلى مدة إلا آحادهم بالنسبة إلى عامة قريش والناس المرتطمين في تمردهم في حيز العدم.
على أن إيمان من آمن وقتئذ لم يكن معرفة تامة بحدود العبادات حتى تدرجوا في المعرفة والتهذيب، وإنما كان خضوعا للاسلام وتلفظا بالشهادتين ورفضا لعبادة الأوثان. لكن أمير المؤمنين خلال هذه المدة كان مقتصا أثر الرسول من أول يومه فيشاهده كيف يتعبد، ويتعلم منه حدود الفرايض ويقيمها على ما هي عليه، فمن الحق الصحيح إذن توحيده في باب العبادة الكاملة، والقول بأنه عبد الله وصلى قبل الناس بسبع سنين.
ويحتمل أن يراد السنين الواردة في حديث ابن عباس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أقام بمكة خمس عشرة سنة سبع سنين يرى الضوء والنور ويسمع الصوت، و