العريقة في العلم والفضل والأدب النازلين في مدن العراق، كما أن له آباء أعلام نالوا سنام المجد وذروة الشرف، فمن أولئك جده الأعلى زيد الشهيد، ويهمنا الآن بيان مجمل اعتقاد الشيعة فيه لإماطة الستر عما هناك من الجنايات المخبئة، والنسب المختلقة.
زيد الشهيد والشيعة الإمامية الاثني عشرية هو أحد أباة الضيم، ومن مقدمي علماء أهل البيت، قد اكتنفته الفضائل من شتى جوانبه، علم متدفق، وورع موصوف، وبسالة معلومة، وشدة في البأس، وشمم يضع له كل جامع، وإباء يكسح عنه أي ضيم، كل ذلك موصول بشرف نبوي، ومجد علوي، وسؤدد فاطمي، وروح حسيني.
والشيعة على بكرة أبيها لا تقول فيه إلا بالقداسة، وترى من واجبها تبرير كل عمل له من جهاد ناجع، ونهضة كريمة، ودعوة إلى الرضا من آل محمد، تشهد لذلك كله أحاديث أسندوها إلى النبي صلى الله عليه وآله وأئمتهم عليهم السلام، ونصوص علمائهم، و مدايح شعرائهم وتأبينهم له، وإفراد مؤلفيهم أخباره بالتدوين.
أما الأحاديث فمنها قول رسول الله صلى الله عليه وآله للحسين السبط: يخرج من صلبك رجل يقال له: زيد يتخطا هو وأصحابه رقاب الناس يدخلون الجنة بغير حساب (1).
وقوله صلى الله عليه وآله فيه: إنه يخرج ويقتل بالكوفة ويصلب بالكناسة، يخرج من قبره نبشا، وتفتح لروحه أبواب السماء، وتبتهج به أهل السماوات والأرض (2) وقول أمير المؤمنين عليه السلام وقد وقف على موضع صلبه بالكوفة فبكى وبكى أصحابه فقالوا له: ما الذي أبكاك؟! قال: إن رجلا من ولدي يصلب في هذا الموضع، من رضي أن ينظر إلى عورته أكبه الله على وجهه في النار (3).