غضب غضبا شديدا وثار القوم في وجهه وقالوا: لا تغضب، بيننا وبينك كتاب الله. فقال: اتلوه، فتلا بعضهم: إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا - إلى قوله - سبيلا. فقال لهم الأعرابي: ويلكم فيمن هذه الآية؟ قالوا: في صاحبك الذي أسلمت على يديه، فازداد الأعرابي غضبا وضرب بيده إلى قائمة سيفه وهم بالقوم.
ثم إنه رجع إلى نفسه - وكان عاقلا لا والله لا عجلت على القوم، وأسأل عن هذا الخبر، فإن كان كما يقولون خلعت عليا، وإن كان على خلاف ما يقولون جالدتهم بالسيف إلى أن تذهب نفسي، قال: - فأتى ابن عباس - وهو قاعد في مسجد الكوفة - فقال: السلام يا ابن عباس، قال ابن عباس:
وعليك السلام - قال: ما تقول في أمير المؤمنين؟ قال: أي الأمراء تعني يا أعرابي؟
قال: علي بن أبي طالب. قال: وكان ابن عباس متكئا فاستوى قاعدا، ثم قال له:
لقد سألت يا أعرابي عن رجل عظيم، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ذاك - والله - صالح المؤمنين، وخير الوصيين، وقامع الملحين [الملحدين] وركن المسلمين، ويعسوب المؤمنين، ونور المهاجرين، وزين المتعبدين، ورئيس البكائين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين، وسراج الماضين، وأول السابقين من آل يس، المؤيد بجبرئيل الأمين، والمنصور بميكائيل المتين، والمحفوظ بجند السماء أجمعين، والمحامي عن حرم المسلمين، ومجاهد أعدائه الناصبين، ومطفئ نيران الموقدين، وأصدق بلابل الناطقين. وأفخر من مشى من قريش أجمعين، عين رسول رب العالمين، ووصي نبيه في العالمين، وأمينه على المخلوقين، وقاصم المعتدين، وجزار المارقين، وسهم من مرامي الله على المنافقين، ولسان حكم العابدين.
ناصر دين الله في أرضه، وولي أمر الله في خلقه، وعيبة علمه، وكهف كتبه، سمح سخي سند حيي بهلول بهي سنحنح جوهري زكي رضي مطهر