ولا يخفى بعد التأويلين أو خطؤهما والأول واضح وكذا الثاني لأن ترك علي القصاص من قتلة عثمان الذين قاموا بطلبه ورأوه مستند اجتهادهم ليس لأنه تركه جملة واحدة، وإنما تركه لما تقدم أي حتى يدخلوا في الطاعة ثم يدعوا علي من قتل. قال: وأيضا عدم القصاص منكر قاموا لتغييره، والقيام لتغيير المنكر إنما هو ما لم يؤد إلى مفسدة أشد.
وأيضا المجتهد إنما يحسن به الظن إذا لم يبين مستند اجتهاده وأما إذا بينه وكان خطأ فلا، ولله در الشيخ، يعني ابن عرفة حيث كان يقول: الصحبة حصنت من حارب عليا، انتهى ".
وقال محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني في [الروضة الندية] بعد ذكر بعض أحاديث وأخبار قتال أمير المؤمنين مع الناكثين والقاسطين والمارقين: " تنبيه - قلت: اشتملت هذه القصص على معجزات نبوية وكرامات علوية وأخلاق عند الله مرضية، فنذكر شيئا من ذلك. أما المعجزات فمنها:
إخباره صلى الله عليه وسلم بأن وصيه عليه السلام يقاتل الثلاث الطوائف وأمره له بذلك، فإنه إخبار بالغيب الذي هو إحدى المعجزات ووصف كل طائفة بوصفها التي قوتلت عليه من النكث والقسط والمروق، وقدمنا في قتاله الناكثين نكتا من معجزات وكرامات، ومن المعجزات في قتاله القاسطين ما تواتر عند أئمة النقل من أن عمارا يقتله الفئة الباغية وأنه يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار.
وهذا الحديث متواتر متفق عليه بين الطوائف حتى أن رأس الفئة الباغية ورئيسها معاوية بن أبي سفيان مقربه، فإنه تأوله بالتأويل الباطل ولم ينكره، بل قال:
قتله من جاء به، فألزم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القاتل لحمزة.
وهذا الحديث من أعلام النبوة فإنه قاله صلى الله عليه وسلم أول قدومه المدينة عند بناء مسجده صلى الله عليه وسلم كما هو معروف في كتب السير والحديث