شارح " المغنى ": يا شدة ما يلقاه ابن سمية من الفئة الباغية، نادى بؤسه وأراد نداءه وخاطبه بقوله: (تقتلك الفئة الباغية) أي الجماعة الخارجة على إمام الوقت وخليفة الزمان.
قال الطيبي: ترحم عليه بسبب الشدة التي يقع فيها عمار من قبل الفئة الباغية يريد به معاوية وقومه فإنه قتل يوم صفين. وقال ابن الملك: اعلم أن عمارا قتله معاوية وفئته فكانوا طاغين باغين بهذا الحديث، لأن عمار كان في عسكر علي وهو المستحق للإمامة فامتنعوا عن بيعته.
وحكي أن معاوية كان يتأول معنى الحديث ويقول: نحن فئة باغية طالبة لدم عثمان، وهذا كما ترى تحريف، إذ معنى طلب الدم غير مناسب هنا لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر الحديث في إظهار فضيلة عمار وذم قاتله لأنه جاء في طريق:
ويح! قلت: ويح، كلمة تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها فيترحم عليه ويرثى له، بخلاف ويل، فإنها كلمة عقوبة تقال للذي يستحقها ولا يترحم عليه هذا.
وفي " الجامع الصغير " برواية الإمام أحمد والبخاري عن أبي سعيد مرفوعا: ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار.
وهذا كالنص الصريح في المعنى الصحيح المتبادر من البغي المطلق في الكتاب كما في قوله تعالى: وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وقوله سبحانه:
فإن بغت إحداهما على الأخرى فإطلاق اللفظ الشرعي على إرادة المعنى اللغوي عدول عن العدل وميل إلى الظلم الذي هو وضع الشئ في غير موضعه.
والحاصل أن البغي بحسب المعنى الشرعي والاطلاق العرفي خص عموم معنى الطلب اللغوي إلى طلب الشر الخاص بالخروج المنهى، فلا يصح أن يراد به طلب دم خليفة الزمان وهو عثمان رضي الله عنه. وقد حكي عن معاوية تأويل أقبح من هذا حيث قال: إنما قتله علي وفئته حيث حمله على القتال وصار