تعالى عليه وسلم لعمار: تقتلك الفئة الباغية. وزاد: وقاتله في النار. فقتله، أي عمارا، أصحاب معاوية، أي بصفين، ودفنه علي رضى الله تعالى عنه في ثيابه وقد نيف على سبعين سنة، فكانوا هم البغاة على علي بدلالة هذا الحديث ونحوه، وقد ورد: إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق، وقد كان مع علي رضي الله، تعالى عنهما، وأما تأويل معاوية أو ابن العاص بأن الباغي علي وهو قتله حيث حمله على ما أدى إلى قتله، فجوابه ما نقل عن علي كرم الله وجهه أنه يلزم منه أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قاتل حمزة عمه.
والحاصل أنه لا يعدل عن حقيقة العبارة إلى مجاز الإشارة إلا بدليل ظاهر من عقل أو نقل يصرفه عن ظاهره، نعم، غاية العذر عنهم أنهم اجتهدوا وأخطأوا فالمراد بالباغية الخارجة المتجاوزة لا الطالبة كما ظنه بعض الطائفة ".
وقال في [المرقاة - شرح المشكاة]: " (وعن أبي قتادة) صحابي مشهور (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار) أي ابن ياسر (حين يحفر الخندق) حكاية حال ماضية (فجعل يمسح رأسه) أي رأس عمار عن الغبار ترحما عليه من الأغيار (ويقول بؤس) بضم موحدة وسكون همز، ويبدل، وبفتح السين مضافا إلى (ابن سمية) وهي بضم السين وفتح الميم وتشديد التحتية أم عمار وهي قد أسلمت بمكة وعذبت لترجع عن دينها فلم ترجع وطعنها أبو جهل فماتت، ذكره ابن الملك.
وقال غيره: كانت أمه ابنة أبي حذيفة المخزومي زوجها ياسرا وكان حليفه فولدت له عمارا فأعتقه أبو حذيفة أي: يا شدة عمار احضري فهذا أوانك، واتسع في حذف حرف النداء من أسماء الأجناس وإنما يحذف من أسماء الأعلام، وروى بوس بالرفع على ما في بعض النسخ، أي: عليك بؤس أو يصيبك بوس، وعلى هذا ابن سمية منادى مضاف، أي: يا ابن سمية! وقال