أعظم مما يعرض لغيره، لا جرم كان اقتداره على حركة غير مقدورة لغيره أمكن.
وأما السبب في الأمور الباقية، فهو أنه قد ثبت في غير هذا الموضع أن تعلق النفس بالبدن ليس تعلق انطباع فيه، وإنما هو على وجه أنها مدبرة له مع تجردها (ثم إن الهيئات النفسانية قد تكون مبادي لحدوث الحوادث.
وبيانه: أما أولا، فلأنك تشاهد انسانا يمشي على جذع ممدود على الأرض، ويتصرف عليه كيف شاء، ولو عرض ذلك الجذع بعينه على جدار عال لوجدته عند المشي عليه راجفا متزلزلا يواعده وهمه بالسقوط مرة بعد أخرى، لتصوره وانفعال يزله عن وهمه حتى ربما سقط.
وأما ثانيا، فلأن الأمزجة تتغير عن العوارض النفسانية كثيرا، كالغضب والخوف والحزن والفرح وغير ذلك، وهو ضروري.
وأما ثالثا، فلأن توهم المرض أو الصحة قد يوجب ذلك، وهو أيضا ضروري.
إذا عرفت ذلك فنقول: انه لما كانت الأمزجة قابلة لهذه الانفعالات عن هذه الأحوال النفسانية، فلا مانع أن يكون لبعض النفوس خاصة لأجلها يتمكن من التصرف في عنصر هذا العالم، بحيث تكون نسبتها إلى كلية العناصر كنسبة أنفسنا إلى أبدانها، فيكون لها حينئذ تأثير في اعداد المواد العنصرية لأن يفاض عليها صور الأمور الغريبة التي تخرج عن وسع مثلها.
فإذا انضمت إلى ذلك الرياضات، فانكسرت سورة الشهوة والغضب، وبقيتا أسيرتين في يد القوة العاقلة، فلا شك أنها حينئذ تكون أقوى على تلك الأفعال، وتلك الخاصية: إما بحسب المزاج الأصلي، أو بحسب مزاج طار غير مكتسب، أو بحسب الكسب والاجتهاد في الرياضة وتصفية النفس.
والذي يكون بحسب المزاج الأصلي، فذوا المعجزات من الأنبياء، أو الكرامات