يجاب عن الأول: بأنه لا مانع من التفضيل، لتساوي الكل في الاحتياج إلى المشاهدات الإلهية إلى روحانية النبي، لأنه معطي الكل مقاماتهم في العوالم الثلاثة، فلما كان أولياؤه لهم مزيد الاختصاص به، وشدة الاطلاع على القطب المحمدي، كانوا بذلك أشد اطلاعا على المقامات، وأكثر جمعية لتلك المشاهدات، فلا عجب من أكمليتهم وأفضليتهم على من لم يكن له ذلك الاختصاص، ولم يكن له النظر إلى ذلك القطب، ولا شدة الاطلاع على تلك المقامات.
وعن الثاني: بأن انحجابهم عن اسم النبوة ما كان لقصورهم عن مراتب الأنبياء، لا في مقام الوحدة، ولا في مقام الكثرة، بل لتأخرهم عن الخاتم بالوجود الصوري الموجب لحجبهم عن الاسم دون مقتضاه، بخلاف من عداهم من الأنبياء، لتقدم وجودهم الصوري على الخاتم، فلم يك ثم مانع من اطلاق الاسم، لوصولهم إلى المقامات الموجبة لهم اطلاقه، ولا يلزم من ذلك أفضليتهم على المحجوبين عن الاسم لمانع منع من اطلاقه، لمساواتهم لهم في المقامات التي ثبتت لها الاسم لغير المحجوبين عنه وزيادتهم عليه بالتشرف بالقطب المحمدي، فثبت لهم الأفضلية عليهم.
فان قلت: إذا كان الكل إنما شاهد ما شاهده، ووصل ما وصل إليه من المقامات بسبب روحانية القطب المحمدي (صلى الله عليه وآله)، فتساوى الكل في ذلك، فمن أين جاء التفضيل؟
قلت: ان الأنبياء لما كانوا في الوجود الصوري أسبق من القطب، كان أخذهم عنه إنما هو باعتبار صورته المعنوية النورية الحاصلة في عالم العقول، من حيث أنه عقل الكل ونفس الكل المندرج فيه اجمالا ما هو فيما تحته من العوالم مفصلا.
وأما أولياؤه، فلتأخر وجودهم الصوري عن وجوده الصوري، كان أخذهم ما أخذوه عنه باعتبار المقامين معا، فشاركوا الأنبياء في المقام الأول، واختصوا دونهم بالمقام الثاني الذي هو مقام التفصيل، لأنه لما نزل إلى عالم الطبيعة بالصورة الانسانية فصل فيه ما أجمل هناك، وظهر فيه مقامات الوحي الملكي ما لم يكن ثم، لأنه هناك