الله عذابه وضاعف عقابه.
فانظر أيدك الله كيف عميت عين بصيرته، وكمهت حدقة فكرته، حتى جعل بيعة الواحد والاثنين موجبا للخلافة مثبتا للإمامة، قاتله الله تأدت به المكابرة إلى جعله الواحد اجماعا وحجة قاطعة، فخالف في ذلك ما عليه كافة الأصوليين والمتكلمين.
أليست الفروع مع سهولة الخطب فيها لا تثبت بالواحد والاثنين؟ بل لابد من اجماع أهل الحل والعقد عليها، فكيف تثبت به الإمامة التي هي قائمة مقام النبوة وجارية مجراها الا في تلقي الوحي من الجناب الإلهي جل شأنه؟
قال كمال الدين محمد بن طلحة الشامي الشافعي في كتابه مطالب السؤول: لا رتبة أعظم من الخلافة، ولا أعلى من مقامها، ولا حكم لملك في الملة الاسلامية الا وهو مستفاد من أحكامها، ولا ذو إيالة ولا ولاية الا وهو منقاد لسيرة زمامها، واقف في تصرفاتها بين نقضها وإبرامها، فهي المنصب الأعلى والمتصف بها صاحب الدنيا والأمر والنهي متصل بأسبابه والجاه والمال، محصل من أبوابه، والنباهة والشهرة تستفاد من اقترابه، والتقدم والتأخر يرتاد من ارضائه واغضابه، وهو خليفة النبي (صلى الله عليه وآله) في أمته لإقامة أحكامه وآدابه انتهى.
فليت شعري كيف طبع الشيطان على قلب هذا المتعصب العنيد، فالتزم انعقادها وثبوتها بالواحد والاثنين.
ومن أعجب العجائب قوله (لم يقم دليل من عقل ولا سمع على اشتراط الاجماع) وأي دليل قام له على الاكتفاء بالواحد في هذا الأمر الخطير والمنصب الجليل؟ ونحن في عويل من ثبوتها بالاجماع، وقد نوهنا على أنها لا تثبت بغير النص وما يجري مجراه في كتابنا.
وأظن أن الذي حداه عليه عدم تحقق الاجماع على خلافة أصحابه اللصوص الثلاثة، كما ينبئ عنه قوله: لعلمنا أن الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا به، كعقد