المسجد، ولم ينتظم في ذلك اليوم أمر جماعتهم (1) انتهى ملخصا.
وبالجملة فالاجماع لم ينعقد أصلا، ومدعيه مكابر محجوج بما ذكرناه، وامتناع سعد بن عبادة عن البيعة مشهور لا يكاد ينكر، وقد كان حاضرا في تلك السقيفة السخيفة، حتى قال عمر: اقتلوا سعدا قتل الله سعدا، فقال سعد لأهله: احملوني عن موضع الفتنة، فحمل من بينهم وادخل منزله ولم يبايع.
وثانيا: أنه على تقدير تسليم الاجتماع الظاهري، فهو إنما يكون حجة لو لم يعارضه نص من لا ينطق عن الهوى، ولا يجوز الاجتهاد والبيعة بالاختيار، مع حصول النص القاطع، وتعيينه (صلى الله عليه وآله) باب مدينة علمه للإمامة، كما وردت به الأخبار المتواترة التي نقلنا شطرا منها.
وثالثا: أن المفهوم من مطالعة السير والتواريخ وكتب حديث الخاصة والعامة أن انعقاد البيعة لأبي بكر لم يكن بالاختيار، بل بالحيلة والمكر والقهر والغلبة والخديعة.
فقد نقل أهل السير أنه لما صفق عمر وأبو عبيدة يديهما على يد أبي بكر بالبيعة، وسلما عليه بالخلافة، تابعهم جماعة المنافقين والطلقاء ممن حضر السقيفة، وألزموا سائر المسلمين ومن لم يحضرها بالمبايعة، ولم يرخصوا لأحد منهم في تركها طوعا كان أو كرها.
ومما ينطق بذلك ما رواه الفاضل الجليل ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة عن البراء بن عازب أنه قال: لم أزل محبا لأهل البيت:، فلما مات النبي (صلى الله عليه وآله) أخذني ما يأخذ الوالهة من الحزن، فخرجت من منزلي لأنظر ما يكون من أمر الناس، فإذا بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة سائرين ومعهم جماعة من الطلقاء والمنافقين ، وعمر شاهر سيفه، وكل من مروا به من المسلمين قالوا له: بايع أبا بكر فقد بايعه الناس، فيبايع شاء ذلك أولم يشأ.