كناية عن الوصول إلى المقصود، وان مدة ركوب المتقمصين للخلافة لما كانت محفوفة بالظلم والعدوان كانت كالليل المظلم لعدم إنارتها حقيقة، فان الظلم ظلمات يوم القيامة، ولذا كنا عنه بسير الليل، فقال: وان طال السرى انتهى.
وهو وجه لطيف في نفسه، وإن كان بعيدا بالنسبة إلى ظاهر الكلام.
وقد روي عن عكرمة عن ابن عباس، قال: لما كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له وفعلهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ما فعلوا، لم يزل أبو بكر يظهر له (عليه السلام) الانبساط، ويرى منه (عليه السلام) انقباضا، فكبر ذلك على أبي بكر، فأحب لقاءه في الخلوة للاعتذار إليه، بأن الناس اجتمعوا عليه وقلدوه أمرهم، وليس له في ذلك جناية.
فدعاه يوما وخلا معه، فقال: والله يا أبا الحسن ما كان هذا الأمر مواطاة مني ورغبة فيما وقعت فيه ولا حرصا عليه، ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأمة، وتظهر لي الكراهة فيما صرت فيه، وتنظر إلي بعين السأمة.
فقال له علي (عليه السلام): فما حملك عليه إذ لم ترغب فيه ولم تحرص عليه، ولا وثقت بنفسك في القيام بما يحتاج إليه.
فقال أبو بكر: حديث سمعته عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تجتمع أمتي على الضلالة.
فلما رأيت اجتماعهم اتبعت حديثه وأعطيتهم الإجابة، ولو علمت أن أحدا يتخلف لامتنعت عن ذلك.
فقال علي (عليه السلام): أفكنت من الأمة أولم أكن؟ وكذلك العصابة مثل سلمان وعمار وأبي ذر والمقداد وسعد بن عبادة ومن معه من الأنصار؟
قال: كل من الأمة.
فقال علي (عليه السلام): فكيف تحتج بالحديث مع تخلف هؤلاء عنك؟
قال أبو بكر: ما علمت تخلفهم الا بعد ابرام الأمر والخوض فيه، ولو كنت قعدت عن ذلك لتفاقم الأمر وارتدت العرب عن الدين، فلما خفت ذلك أجبتهم إلى ما