القبيح الذي يكون نفوسهم تأباه، وأخرجهم ضيق الخناق إلى أن أحضر أحدهم أخبار رستم واسفنديار، وجعل يقص بها ويوهم الناس أنه قد عارض، وأن المطلوب بالتحدي هو القصص والاخبار وليس يبلغ الامر بهم إلى هذا، وهم متمكنون مما ترفع الشبهة، فعدلوا عنه مختارين.
وليس يمكن لاحد أن يدعي أن ذلك مما لم يهتد إليه العرب وأنه لو اتفق خطوره ببالهم لفعلوه غير أنه لم يتفق، لأنهم كانوا من الفطنة والكياسة على مالا يخفى عليهم معه أنفذ الامرين مع صدق الحاجة وفوتها، والحاجة تفتق الجبل.
وهب لم يفطنوا ذلك بالبديهة، كيف لم يقعوا عليه مع التفكر، وكيف لم يتفق لهم ذلك مع فرط الذكاء وجودة الذهن، وهذا من قبيح الغفلة التي تنزه القوم عنها ووصفهم الله بخلافها.
وليس يورد هذا الاعتراض من يوافق في إعجاز القرآن، وإنما يصير إليه من خالفنا في الملة وأبهرته الحجة، فيرمي العرب بالبله والغفلة، فيقول: لعلهم لم يعرفوا أن المعارضة أنجع وأنفع، وبطريق الحجة أصوب وأقرب، لأنهم لم يكونوا أصحاب نظر وذكر، وإنما كانت الفصاحة صنعتهم، فعدلوا إلى الحرب.
وهذا الاعتراض إذا ورد علينا كانت كلمة جماعتنا واحدة في رده، وقلنا في جوابه: إن العرب إن لم يكونوا نظارين، فلم يكونوا في غفلة مخامرة في العقول أن مسألة التحدي في فعله ومعارضته بمثله أبلغ في الاحتجاج عليه من كل فعل ولا يجوز أن يذهب العرب جلهم عما لا يذهب عنه العامة، والاعتناء بالحرب غير مانعة عن المعارضة، وقد كانوا يستعملون في حروبهم من الارتجاز ما لو جعلوا مكانه معارضة القرآن كان أنفع لهم.
في مطاعن المخالفين في القرآن: قالوا إن في القرآن تفاوتا قوله " يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن " (1) ففي الكلام تكرار بغير فائدة، لان قوله " قوم من