الجواب أنه لم يرد بهذا اخوة النسب، بل أراد ما يشبه هارون في الصلاح وكان في بني إسرائيل رجل صالح يقال له: هارون، وقد يقول الرجل لغيره:
يا أخي، ولا يريد به اخوة النسب، ويقال: هذا الشئ أخو هذا الشئ، إذا كان مشاكلا له، وقال تعالى: " وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها " (1).
وقالوا: كيف يكون هذا النظم بالوصف الذي ذكرتم في البلاغة النهاية، وقد وجد التكرار من ألفاظه كقوله: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ونحوه من تكرير القصص.
الجواب أن التكرير على وجوه: منها ما يوجد في اللفظ دون المعنى، كقولهم أطعني ولا تعصني، ومنها ما يوجد فيهما معا كقولهم عجل عجل أي سرا وعلانية وتالله والله أي في الماضي والمستقبل، وقد يقع كل ذلك لتأكيد المعنى والمبالغة فيه، ويقع مرة لتزيين النظم وحسنه، والحاجة إلى استعمال كليهما، والمستعمل للايجاز والحذف ربما عمي على السامع، وإنما ذم أهل البلاغة التكرير الواقع في الألفاظ إذا وجدوه فضلا من القول من غير فائدة في التأكيد لمعنى، أو لتزيين لفظ ونظم، وإذا وجد كذلك كان هذرا ولغوا، فأما إذا أفاد فائدة في كل من النوعين، كان من أفضل اللواحق للكلام المنظوم، ولم يسم تكريرا على الذم وتكرير اللفظ لتزيين النظم أمر لا يدفعه عارف بالبلاغة، وهو موجود في أشعارهم.
ولنذكر الفرق بين الحيل والمعجزات، وهو يتوقف على ذكر الحيل و أسبابها وآلاتها، وكيفية التوصل إلى استعمالها، وذكر وجه إعجاز المعجزات.
اعلم أن الحيل هي أن صاحب الحيلة يري الامر في الظاهر على وجه لا يكون عليه، ويخفي وجه الحيلة فيه نحو عجل السامري الذي جعل فيه خروقا تدخل فيها الريح، فيسمع منه صوت، ومنها مخرقة الشعبذة نحو أن يري الناظر ذبح الحيوان بخفة حركاته ولا يذبحه في الحقيقة، ثم يري من بعد أنه أحياه