اختلفوا في الأنفال، وجادل كثير منهم رسول الله صلى الله عليه وآله فيما فعله في الأنفال فأنزل الله سبحانه " يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول " يجعلها لمن يشاء " فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " أي فرقوه بينكم على السواء " وأطيعوا الله ورسوله " فيما بعد " إن كنتم مؤمنين ووصف المؤمنين، ثم قال: " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون " يريد أن كراهتهم في الغنائم ككراهتهم في الخروج معك.
وأما قوله: " ولعلكم تهتدون * كما أرسلنا " فإنه أراد ولاتم نعمتي كإرسالي فيكم رسولا أنعمت به عليكم يبين لكم.
سألوا عن قوله: " وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله " (1) ولا يقول أحدهما ذلك.
الجواب أنه لما حرق نبخت نصر بيت المقدس، بغى على بني إسرائيل وسبي ذراريهم وحرق التوراة حتى لم يبق لهم رسم وكان في سباياه دانيال فعبر رؤياه فنزل منه أحسن المنازل، فأقام عزير لهم التوراة بعينها، حين عاد إلى الشام بعد موته. فقالت طائفة من اليهود: هو ابن الله ولم يقل ذلك كل اليهود، وهذا خصوص خرج مخرج العموم.
وسألوا عن قوله: " فنبذناه بالعراء وهو سقيم " (2) قالوا: كيف جمع الله بينه وبين قوله: " لولا أن تداركه رحمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم " (3) وهذا خلاف الأول، لأنه قال أولا: نبذناه مطلقا ثم قال: لولا أن تداركه لنبذ، فجعله شرطا.
الجواب معنى ذلك لولا أنا رحمناه بإجابة دعائه، لنبذناه حين نبذناه بالعراء مذموما، وقد كان نبذه في حالته الأولى سقيما يدل عليه قوله: " فاجتبيه ربه