المعجزة، ورأي فريقا ممن حسده على نعمة الله عنده من عشيرته يميلون إلى أهل الكتاب، ويعدلونهم عليه وعلى أنفسهم، ويعتمدون في الاحتجاج لباطلهم على جحدهم إياه، أراد أن يدلهم على صدقه باقرار عدوه، ومن أعظم استدلالا من الذي استشهد عدوه، ويحتج باقراره له، وانقياده إياه، ثم إن في التوراة والإنجيل صفات محمد صلى الله عليه وآله وكل من أنصف منهم شهد له بذلك.
فصل: وقالوا: كيف يدعون أن كل أخبار محمد عن الغيب وقع صدقا وعدلا، وقد وجدنا بعضها بخلافه، لان محمدا قال: " إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده " وقد وجدنا بعده قياصر كثيرة، وأملاكهم ثابته، وقال: " شهرا عيد لا ينقصان " وقد وجدنا الامر بخلاف ذلك كثيرا، وقد قال: " ما ينقص مال من صدقة " وقد وجدنا نقص حسابها.
وقال: إن يوسف أعطي نصف حسن آدم، ثم قال الله في قصة إخوته لما دخلوا عليه: " فعرفهم وهم له منكرون " (1) ومن كان في حسنه ثابتا بهذه البينونة العظمى، كيف يخفى أمره، وفي كتابكم أن عيسى ما قتل وما صلب، وقد اجتمعت اليهود والنصارى على أنه قتل وصلب.
وفي كتابكم " وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم " (2) وقال نبيكم: إن في نسائكم أربع نبيات، وفي كتابكم " قال فرعون يا هامان ابن لي صرحا " (3) وكان فرعون قتل هامان بزمان طويل، وفي كتابكم " وما علمناه الشعر " (4) والشعر كلام موزون، ونحن نجد في القرآن كلاما موزونا، وهو الشعر في غير موضع، فمنه " وجفان كالجواب * وقدور راسيات " (5) ووزنه عند العروضيين:
فاعلاتن فاعلاتن * فاعلاتن فاعلاتن