سائر - أو قال: بقية - القرآن على خير هذه الأمة وأقضاهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب صلوات الله عليه (1).
أقول: سئل الشيخ المفيد رحمه الله في المسائل السروية: ما قوله أدام الله تعالى حراسته في القرآن؟ أهو ما بين الدفتين الذي في أيدي الناس أم هل ضاع مما أنزل الله تعالى على نبيه منه شئ أم لا؟ وهل هو ما جمعه أمير المؤمنين عليه السلام أم ما جمعه عثمان على ما يذكره المخالفون ".
الجواب: إن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله وليس فيه شئ من كلام البشر، وهو جمهور المنزل، والباقي مما أنزله الله تعالى قرآنا، عند المستحفظ للشريعة، المستودع للأحكام، لم يضع منه شئ وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جمع لأسباب دعته إلى ذلك، منها قصورة عن معرفة بعضه، ومنه ما شك فيه، ومنه ما عمد بنفسه ومنه ما تعمد إخراجه منه.
وقد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من أوله إلى آخره، وألفه بحسب ما وجب من تأليفه، فقدم المكي على المدني، والمنسوخ على الناسخ ووضع كل شئ منه في حقه، فلذلك قال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: أما والله لو قرئ القرآن كما انزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا، وقال عليه السلام: نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع قصص وأمثال، وربع قضايا وأحكام، ولنا أهل البيت فضائل القرآن.
فصل: غير أن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم أمروا بقراءة ما بين الدفتين وأن لا نتعداه بلا زيادة فيه ولا نقصان منه، حتى يقوم القائم عليه السلام فيقرئ الناس القرآن على ما أنزله الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين عليه السلام وإنما نهونا عليهم السلام عن قراءة ما وردت به الاخبار من أحرف يزيد على الثابت في المصحف، لأنها لم يأت على التواتر وإنما جاء بالآحاد، وقد يغلط الواحد فيما ينقله، ولأنه