المشاهدة، ولكان لا يسكن مع الالزام، وتسبيح الحصا وتكليم الذراع لا يمكن فيه حيلة البتة، وفي سماع الكلام من الذراع وجهان أحدهما أن الله بنى الذراع بنية حي صغير، وجعل له آلة النطق والتميز يتكلم بما يسمع، والاخر أن الله خلق فيه كلاما سمع من جهتها وأضافه إلى الذراع مجازا.
وقول من قال: لو انشق القمر لرآه كل الناس، لا يلزم، لأنه لا يمتنع أن يكون الناس في تلك الحال مشاغيل، فإنه كان بالليل، فلم يتفق لهم مراعاة ذلك، فإنه بقي ساعة ثم التأم، وأيضا فإنه لا يمتنع أن يكون الغيم حال بينه وبين من لم يشاهده، فلأجل ذلك لم يره الكل، وأكثر معجزات الأئمة عليهم السلام تجري مجرى ذلك، فالكلام فيها كالكلام في ذلك.
ثم نقول في الفصل بين المعجزة والشعوذة ونحوها: فرق قوم من المسلمين بين المعجزات والمخاريق، بأن قالوا المعجزة يظهرها الله لرسول أو وصي رسول عند الأفاضل من أهل عصره والأماثل منهم، فيتعذر عليهم فعلها عند التأمل لها والنظر فيها على كل حال، والشعوذة يظهرها صاحبها عند الضعفة من العوام والعجايز، فإذا بحث عن أسبابها المبرزون وجدوها مخرقة، والمعجزة على مر الأيام لا تزداد إلا عن ظهور صحه لها ولا تنكشف إلا عن حقيقة فيها.
وإن الشعوذة ربما تعلم من يظهر عليه مخرجها وطريقها (1) وكيف يتأتى ويظهر مما يهتدي صاحبها إلى أسبابها، ويعل أن من شاركه فيها أتى بمثل ما يأتي هو به، وإن المعجزة يجري أمرها مجرى ما ظهر في عصا موسى عليه السلام من انقلابها حية تسعى حتى انقادت إليه السحرة، وخاف موسى أن تلتبس بالشعوذة على كثير من الحاضرين.
وإن المعجزة تظهر عند دعاء الرسول أو الوصي ابتداء من غير تكلف آلة وأداة منه والشعوذة مخرقة وخفة يد تظهر على أيدي بعض المحتالين بأسباب