مقدرة لها وحيل متعلمة أو موضوعة فيمكن المساواة فيها ولا يتهيأ ذلك إلا لمن عرف مباديها، ولابد من آلات يستعين بها في إتمام ذلك ويتوصل بها إليه.
واعلم أن المعجزة أمر يتعذر على كل من في العصر مثله عند التكليف والاجتهاد على المشعبذين فضلا عن غيرهم كعصا موسى الذي أعجز السحرة أمرها مع حذقهم في السحر وصنعتهم، والشعبذة مخرقة وخفة تظهر على أيدي بعض المحتالين بأسباب مقدرة يخفى على قوم دون قوم، والمعجزة تظهر على أيدي من يعرف بالصدق والصيانة والصلاح والسداد، والشعوذة تظهر على أيدي المجانين والخبثاء والأزدال، والمعجزة يظهرها صاحبها متحديا ودلائل العقل يوافقها على سبيل الجملة، ويباهي بها جميع الخلائق، ولا يزيده الأيام إلا وضوحا، ولا يكشف الأوقات إلا عن صحته، وللمعجزات شرائط ذكرناها.
ولان أكثر الشعوذة والمخرقة تتعلق بزمان مخصوص ومكان معلوم، ويستعان في فعلها بالأدوات والمعاناة والمعالجة، والمعجزة لا تتعلق بزمان مخصوص، ولا ببقعة مخصوصة، ولا يستعين فيها صاحبها بآلة ولا أداة، وإنما يظهرها الله على يده عند دعائه ودعواه، وهو لم يتكلف في ذلك شيئا، ولا استعان فيها بمعاونة ولا معالجة. ولا أداة وآلة، وأنها على الوجه الناقض للعادات، والباهر للعقول القاهر للنفوس، حتى تذعن لها الرقاب والأعناق، وتخضع لها النفوس، وتسموا إليها القلوب ممن أراد أن يعلم صدق من أظهرها عليه.
وأما مطاعن المعجزات وجواباتها:
فذكر ابن زكريا المتطبب في مقابلة المعجزات أمورا يسيرة، فذكر ما نقل عن زردشت من صب الصفر المذاب على صدره، ومن بعض سدنة بيت الأوثان أنه كان منحنيا على سيف وقد خرج من ظهره لا يسيل منه دم، بل ماء أصفر، وكان يخبرهم بأمور، قال: ورأيت رجلا كان يتكلم من إبطه، وآخر لم يأكل خمسة وعشرين يوما، وهو مع ذلك حصيف البدن، وأين ما ذكروه من فلق البحر حتى صار كل فرق منه كالطود العظيم، ومن إحياء ميت متقادم العهد، ويبقى حيا