عنه وصمة تقصيره، عند تركه قول بسم الله، لقد دخل عبد الله بن يحيى على أمير المؤمنين عليه السلام وبين يديه كرسي فأمره بالجلوس عليه فجلس عليه فمال به حتى سقط على رأسه، فأوضح عن عظم رأسه، وسال الدم. فأمر أمير المؤمنين عليه السلام بماء فغسل عنه ذلك الدم، ثم قال: ادن مني، فوضع يده على موضحته، وقد كان يجد من ألمها ما لا صبر له معه، ومسح يده عليها وتفل فيها، فما هو أن فعل ذلك حتى اندمل، فصار كأنه لم يصبه شئ قط.
ثم قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: يا عبد الله الحمد لله الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم، لتسلم لهم طاعاتهم، ويستحقوا عليها ثوابها، فقال عبد الله بن يحيى: يا أمير المؤمنين! وإنا لا نجازي بذنوبنا إلا في الدنيا؟ قال:
نعم، أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وآله: " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر "؟
إن الله يطهر شيعتنا من ذنوبهم في الدنيا بما تبليهم به من المحن، وبما يغفره لهم فان الله يقول " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " (1) حتى إذا أوردوا القيامة، توفرت عليهم طاعاتهم وعباداتهم، وإن أعداء آل محمد يجازيهم عن طاعة تكون منهم في الدنيا - وإن كان لا وزن لها لأنه لا إخلاص معها - إذا وافوا القيامة، حملت عليهم ذنوبهم، وبغضهم لمحمد وآله، وخيار أصحابه فقذفوا في النار.
ولقد سمعت محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنه كان فيما مضى قبلكم رجلان أحدهما مطيع لله مؤمن، والآخر كافر به مجاهر بعداوة أوليائه وموالاة أعدائه وكل واحد منهما ملك عظيم في قطر من الأرض، فمرض الكافر واشتهى سمكة في غير أوانها لان ذلك الصنف من السمك كان في ذلك الوقت في اللجج بحيث لا يقدر عليه فآيسته الأطباء من نفسه، وقالوا له: استخلف على ملكك من يقوم به فلست بأخلد من أصحاب القبور، فان شفاءك في هذه السمكة التي اشتهيتها ولا سبيل إليها، فبعث الله ملكا وأمره أن يزعج تلك السمكة إلى حيث يسهل أخذها