وفي خواص نظم القرآن وجوه أولها خروج نظمه عن صورة جميع أسباب المنظومات ولولا نزول القرآن لم يقع في خلد فصيح سواها، وكذلك قال عتبة بن ربيعة لما اختاره قريش للمصير إلى النبي صلى الله عليه وآله قرء عليه حم السجدة فلما انصرف قال:
سمعت أنواع الكلام من العرب، فما شبهته بشئ منها، إنه ورد على ما راعني ونحوه ما حكى الله عن الجن " قل أوحي إلي " إلى قوله: " آمنا به " فلما عدم وجود شبيه القرآن من أنواع المنظوم، انقطعت أطماعهم عن معارضته.
والخاصة الثانية في الروعة التي له في قلوب السامعين، فمن كان مؤمنا يجد شوقا إليه وانجذابا نحوه، وحكي أن نصرانيا مر برجل يقرء القرآن فبكى فقيل له: ما أبكاك؟ قال: النظم.
والثالثة أنه لم يزل غضا طريا لا يخلق ولا يمل تاليه، والكتب المتقدمة عارية عن رتبة النظم، وأهل الكتاب لا يدعون ذلك لها.
والرابعة أنه في صورة كلام هو خطاب لرسوله تارة ولخلقه أخرى.
والخامسة ما يوجد من جمعه [بين الأضداد] فان له صفتي الجزالة والعذوبة وهما كالمتضادتين.
والسادسة ما وقع في أجزائه من امتزاج بعض أنواع الكلام ببعض، وعادة ناطقي البشر تقسيم معاني الكلام.
والسابعة أن كل فضيلة من تأسيس اللغة في اللسان العربي هي موجودة في القرآن.
والثامنة عدم وجود التفاضل بين بعض أجزائه من السور كما في التوراة كلمات عشر تشتمل على الوصايا يستحلفون بها لجلالة قدرها، وكذا في الإنجيل أربع صحف، وكذا في الإنجيل محاميد ومسابيح يقرؤنها في صلواتهم.
والتاسعة وجود ما يحتاج العباد إلى علمه من أصول دينهم وفروعه، من التنبيه على طرق العقليات، وإقامة الحجج على الملاحدة والبراهمة والثنوية، والمنكرة للبعث القائلين بالطبايع، بأوجز كلام وأبلغه، ففيه من أنواع الاعراب والعربية