فجعله من الصالحين " (1) لكن تداركه الله بنعمة من عنده فطرح بالفضاء وهو غير مذموم، واختاره الله وبعثه نبيا، ولا تناقض بين الآيتين، وإن كان في موضع نبذناه مطلقا وهو سقيم: ولم يكن في هذه الحالة بمليم، وفي موضع آخر نبذ مشروطا ومعناه لولا أن رحمنا يونس عليه السلام لنبذناه ملوما، وكان لوم عتاب لا لوم عقاب لأنه بترك الأولى.
وسألوا عن قوله: " وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر " (2) واسمه في التوراة تارخ فيقال: لا ينكر أن يكون له اسمان، وكنيتان، هذا إدريس في التوراة أخنوخ ويعقوب إسرائيل، وعيسى يدعى المسيح، وقد قال نبينا: لي خمسة أسماء أنا محمد، أنا أحمد، والعاقب، والماحي، والحاشر، وقد يكون للرجل كنيتان كما كان له اسمان، فان حمزة يكنى أبا يعلى وأبا عتبة (3) وصخر بن حرب أبا معاوية، وأبا سفيان، وأبا حنظلة.
وقيل معنى آزر: يا ضعيف ويا جاهل، ويقال: يا معاوني ويا مصاحبي ويا شيخي، فعلى هذا يكون ذلك وصفا له، وقال الأكثرون: إن آزر كان عم إبراهيم، والعرب تجعل العم أبا، والصحيح أن آزر كان أبا لام إبراهيم.
وسألوا عن قوله: " ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازداد وا تسعا " (4) ثم قال: " قل الله أعلم بما لبثوا " وهذا كلام متفاوت، لأنه أخبرنا بمدة كهفهم، ثم قال: الله أعلم بما لبثوا، وقد علمنا ذلك بما أعلمنا.
الجواب: أنهم اختلفوا في مدة لبثهم كما اختلفوا في عدتهم فأعلمنا الله أنهم لبثوا ثلاثمائة فقالوا: سنين وشهورا وأياما؟ فأنزل الله سنين ثم قال: " ازدادوا تسعا " وأنا أعلم بما لبثوا من المختلفين.
وسألوا عن قوله: " يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء " (5) ولم تكن لمريم أخ يقال له هارون.