فصل: وإنما يقول المنكرون لمعجزات النبي والأئمة عليهم أفضل الصلوات والتحية: إن الاخبار التي يذكرون والأحاديث التي يعولون عليها في معجزاتهم ويصولون بها، إنما رواها الواحد والاثنان، ومثل ذلك لا يمكن القطع بعينه، والحكم بصحته، وأمر المعجزات والخارج عن العادات يجب أن يكون معلوما متعينا غير مظنون يتوهم.
والجواب عن ذلك أن أخبارنا في معجزات النبي والأئمة صلوات الله عليهم جاءت من طرق مختلفة، ومواضع مفترقة، ومظان متباعدة، وفرق مخالفة وموافقه، في زمان بعد زمان، وقرن بعد قرن، وكذلك رويت المعجزات من جنس واحد من كل واحد منهم عليهم السلام ولا يمكن أن يتواطأ الناس على مثل هذا فلا يكون مخبر هم على ما أخبروا به جميعا، لان ذلك ينقض عادتهم، كما نقض العادة الاجتماع على الكذب في الجماعات الكثيرة.
ومما يدل على ذلك إباؤها من تواطئ الكذب، كما إذا أخبر جمهور من الناس، فقال بعضهم: إن رجلا له مال من ذهب وورق، وآخرون يخبرون عنه أنهم رأوا له أثاثا وجهازا وأواني وآلات وأسبابا، وقوم آخرون أن له غلات وارتفاعات وضياعا وعقارا، وآخرون يخبرون عنه أنهم رأوا له خيلا وبغالا وحميرا، إن الخبر إذا ورد عن الانسان بما ذكرنا أحيط إلى العلم بأن المخبر عنه غني موسر، لا يقدر أحد على دفع علم ذلك عن نفسه، إذا نظر بعين الانصاف في تلك الأخبار وإن كان يجوز على كل واحد من المخبرين اللغط والكذب في خبره لو انفرد من عصابة غيره ثم إن إجماع الفرقة المحقة منعقد على صحة أخبار معجزات الرسول والأئمة من أهل بيته عليهم السلام وإجماعهم حجة لان فيهم معصوما.
فصل: ومن أخبار المعجزات أخبار تفاوت أخبار الجماعات الكثيرة نحو خبر الحصاة وإشباع الخلق الكثير بالطعام اليسير، وذلك أن المخبرين بهذه الاخبار إنما أخبروا عن حضرة جماعة ادعوا حضورهم كذلك، فقد كانوا خلائق كثيرين مجتمعين، شاهدي الحال، وكانوا فيمن شرب من الماء، وأكل من الطعام، فلم