هو نهاية الخشية، بعد ما أمرهم بها مراعاة للمبتدأ والمنتهى إذ لا ينفع الأول دون الثاني، ثم أمرهم أن يقولوا لليتامى مثل ما يقولون لأولادهم بالشفقة وحسن الأدب أو للمريض ما يصده عن الاسراف في الوصية (ما يؤدي إلى مجاوزة الثلث وتضييع الورثة، ويذكره التوبة وكلمة الشهادة أو لحاضري القسمة عذرا جميلا ووعدا حسنا، أو أن يقولوا في الوصية) ما لا يؤدي إلى مجاوزة الثلث، وتضييع الورثة انتهى (1).
وقال الطبرسي رحمة الله عليه في ذكر الوجوه في تفسير الآية: وثانيها أن الامر في الآية لولى مال اليتيم يأمره بأداء الأمانة فيه، والقيام بحفظه، وكما لو خاف على مخلفيه إذا كانوا ضعافا وأحب أن يفعل بهم عن ابن عباس، وإلى هذا المعنى يؤول ما روي عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: إن الله تعالى أوعد في مال اليتيم عقوبتين ثنتين: أما إحداهما فعقوبة الدنيا قوله: " وليخش الذين لو تركوا الآية " قال: يعني بذلك ليخش أن اخلفه في ذريته كما صنع بهؤلاء اليتامى (2).
وأقول: أما دفع توهم الظلم في ذلك فهو أنه يجوز أن يكون فعل الألم بالغير لطفا لآخرين مع تعويض أضعاف ذلك الألم بالنسبة إلى من وقع عليه الألم بحيث إذا شاهد ذلك العوض رضي بذلك الألم كأمراض الأطفال، فيمكن أن يكون الله تعالى أجرى العادة بأن من ظلم أحدا أو أكل مال يتيم ظلما بأن يبتلي أولاده بمثل ذلك فهذا لطف بالنسبة إلى كل من شاهد ذلك أو سمع من مخبر عليم صدقه، فيرتدع عن الظلم على اليتيم وغيره، ويعوض الله الأولاد بأضعاف ما وقع عليهم أو أخذ منهم في الآخرة مع أنه يمكن أن يكون ذلك لطفا بالنسبة إليهم أيضا فيصير سببا لصلاحهم وارتداعهم عن المعاصي، فانا نعلم أن أولاد الظلمة لو بقوا في نعمة آبائهم لطغوا وبغوا وهلكوا، كما كان آباؤهم، فصلاحهم أيضا في ذلك، وليس في شئ من ذلك ظلم على أحد، وقد تقدم بعض القول منا في ذلك سابقا.
57 - الكافي: عن العدة، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: ما انتصر الله من ظالم إلا بظالم، وذلك قول الله عز وجل: " وكذلك نولي بعض الظالمين