ابن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من أصبح لا ينوي ظلم أحد غفر الله له ما أذنب ذلك اليوم، ما لم يسفك دما أو يأكل مال يتيم حراما (1) بيان: ظاهره أن من دخل الصباح على تلك الحالة وهي أن لا يقصد ظلم أحد غفر الله له كل ما صدر عنه من الذنوب غير القتل، وأكل مال اليتيم وكأن المراد بعدم النية العزم على العدم، ولا ينافي ذلك صدوره منه في أثناء اليوم لكن ينافي ذلك الأخبار الكثيرة الدالة على المؤاخذة بحقوق الناس وقد مر بعضها وتخصيص هذه الأخبار الكثيرة بل ظواهر الآيات أيضا بمثل هذا الخبر مشكل وإن قيل بأن الله تعالى يرضي المظلوم، ويمكن توجيهه بوجوه:
الأول أن يكون الغرض استثناء جميع حقوق الناس سواء كان في أبدانهم أو في أموالهم، وذكر من كل منهما فردا على المثال، لكن خص أشدهما ففي الأبدان القتل، وفي الأموال أكل مال اليتيم، فيكون حاصل الحديث أن من أصبح غير قاصد بالظلم، ولم يأت به في ذلك اليوم غفر الله له كل ما كان بينه و بين الله تعالى من الذنوب كما هو ظاهر الخبر الآتي.
الثاني أن يكون التخصيص لأنهما من الكبائر والباقي من الصغائر كما هو ظاهر أكثر أخبار الكبائر، وما سواهما من الكبائر من حقوق الله، ويمكن شمول سفك الدم للجراحات أيضا، ولا استبعاد كثيرا في كون هذا العزم في أول اليوم مع ترك كبائر حقوق الناس مكفرا لحقوق الله، وسائر حقوق الناس، بأن يرضي الله الخصوم.
الثالث أن يكون المعني: من أصبح ولم يهم بظلم أحد، ولم يأت به في أثناء اليوم أيضا غفر الله له ما أذنب من حقوقه تعالى ما لم يسفك دما قبل ذلك اليوم ولم يأكل مال يتيم قبل ذلك اليوم، ولم يتب منهما، فان من كانت ذمته مشغولة بمثل هذين الحقين لا يستحق لغفران الذنوب، وعلى هذا يحتمل أن يكون ذلك اليوم ظرفا للغفران لا للذنب، فيكون الغفران شاملا لما مضى أيضا كما هو ظاهر