المؤمنين، واستأصلوهم كما قال تعالى: " لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون " (1).
الثالث أن يكون عطفا على تسليله أيضا والمعنى أنه من لطفه جعل المضادة بين هوى كل امرئ وقلبه أي روحه وعقله، فلو لم يكن القلب معارضا للهوى لم يختر أحد الآخرة على الدنيا وفي بعض النسخ " ومضادته " وهو أنسب بهذا المعنى والمضادة بمعنى جعل الشئ ضد الشئ شائع كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: ضاد النور بالظلمة، واليبس بالبلل.
الرابع أن يكون الواو بمعنى مر، ويكون تتمة للفقرة السابقة، أي أخرج أحقادهم مع وجود سببها، وهو مضادة أهوائهم وقلوبهم.
الخامس أن يكون المعنى من رفقه أنه أوجب عليهم التكاليف المضادة لهواهم وقلوبهم. لكن برفق ولين، بحيث لم يشق عليهم بل إنما كلف عباده بالأوامر والنواهي متدرجا كيلا ينفروا كما أنهم لما كانوا اعتادوا بشرب الخمر نزلت أولا آية تدل على مفاسدها ثم نهوا عن شربها قريبا من وقت الصلاة، ثم عمم وشدد ولم ينزل عليهم الاحكام دفعة ليشد عليهم بل أنزلها تدريجا، وكل ذلك ظاهر لمن تتبع موارد نزول الآيات، وتقرير الاحكام، وفي لفظ المضادة إيماء إلى ذلك قال الفيروزآبادي: ضده في الخصومة غلبه وعنه صرفه ومنعه برفق وضاده خالفه.
" ومن رفقه بهم أنه يدعهم على الامر " حاصله أنه يريد إزالتهم عن أمر من الأمور لكن يعلم أنه لو بادر إلى ذلك يثقل عليهم فيؤخر ذلك إلى أن يسهل عليهم ثم يحولهم عنه إلى غيره، فيصير الأول منسوخا كأمر القبلة فان الله تعالى كان يحب لنبيه صلى الله عليه وآله التوجه إلى الكعبة، وكان في أول وروده المدينة هذا الحكم شاقا عليهم لألفهم بالصلاة إلى بيت المقدس فتركهم عليها، فلما كملوا وآنسوا