عليه ويثيب به، والسل انتزاعك الشئ وإخراجه في رفق كالاستلال كذا في القاموس وكأن بناء التفعيل للمبالغة، والضغن بالكسر والضغينة الحقد والأضغان جمع الضغن كالا حمال والحمل، والمعنى أنه من رفقه بعباده ولطفه لهم أنه يخرج أضغانهم قليلا قليلا وتدريجا من قلبوهم وإلا لافنوا بعضهم بعضا، وقيل: لم يكلفهم برفعها دفعة لصعوبتها عليهم، بل كلفهم بأن يسعوا في ذلك ويخرجوها تدريجا وهو بعيد.
ويحتمل أن يكون المعنى أنه أمر أنبياءه وأوصياءهم بالرفق بعباده الكافرين والمنافقين، والاحسان إليهم، وتأليف قلوبهم ببذل الأموال وحسن العشرة، فيسل بذلك أضغانهم لله وللرسول وللمؤمنين برفق، ويمكن أن يكون المراد بالتسليل إظهار كفرهم ونفاقهم على المؤمنين لئلا ينخدعوا منهم كما قال سبحانه: " أم حسب الذين في قلبوهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم " (1) أي أحقادهم على المؤمنين ثم قال: " ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم * إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم * إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم " قالوا: " إن يسألكموها فيحفكم " أي يجهدكم بمسألة جميعها أو أجرا على الرسالة فيبالغ فيه تبخلوا بها، فلا تعطوها " ويخرج أضغانكم " أي بغضكم وعداوتكم لله والرسول ولكنه فرض عليكم ربع العشر أو لم يسألكم أجرا على الرسالة، وهذا يؤيد المعنى السابق أيضا.
قوله: " ومضادتهم لهواهم وقلوبهم " هذا أيضا يحتمل وجوها الأول أن يكون معطوفا على الأضغان، أي من لطفه بعباده رفع مضادة أهوية بعضهم لبعض وقلوب بعضهم لبعض، فيكون قريبا من الفقرة السابقة على بعض الوجوه.
الثاني أن يكون عطفا على تسليله أي من لطفه بعباده المؤمنين أن جعل أهوية المخالفين والكافرين متضادة مختلفة، فلو كانوا مجتمعين متفقين في الأهواء لأفنوا